كان المترجم في الصدر من شعراء الشيعة ، وفي الطليعة من كتّابها الأفذاد ، يزدهي العراق بشعره المبهج وأدبه المبتلج ، كما أنّ الكتب ضاءت بألقٍ من كلمه ، وضاعت بعبقٍ من نشر فمه ، وقد أصفقت المعاجم على الثناء عليه ، وذكر فضله الظاهر ومآثره الجمّة ، ففي معجم الأدباء (١) (٧ / ٣١) : كان شاعر العراق في وقته ، وكان كاتباً بديوان الأقطاع ببغداد ، واجتمع به العماد الكاتب الأصبهاني لمّا كان بالعراق وصحبه مدّة ، فلمّا انتقل العماد إلى الشام واتصل بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب كان ابن التعاويذي يراسله ، فكان بينهما مراسلات ذكر بعضها العماد في الخريدة ، وعمي أبو الفتح في آخر عمره سنة (٥٧٩) ، وله في ذلك أشعار كثيرة يندب بها بصره وزمان شبابه ، ومدح السلطان صلاح الدين بثلاث (٢) قصائد أنفذها إليه من بغداد ، إحداها عارض بها قصيدة أبي منصور عليّ بن الحسن المعروف بصرّدر (٣) ، التي أوّلها :
أكذا يُجازى ودُّ كلّ قرين
فقال ابن التعاويذي وأحسن ما شاء :
إن كان دينُكَ في الصبابة ديني |
|
فقف المطيّ برملتي يَبرينِ (٤) |
والثم ثرىً لو شارفت بي هضبَهُ |
|
أيدي المطيّ لثمتُها بجفوني |
__________________
(١) معجم الأدباء : ١٨ / ٢٣٥.
(٢) توجد في ديوان المترجم في مدح صلاح الدين يوسف ست قصائد لا ثلاث ، ولعلّه أنفذ منها إليه ثلاثاً. (المؤلف)
(٣) أبو منصور عليّ بن الحسن الكاتب الشاعر ، المتوفّى سنة (٤٦٥) مترجم في غير واحد من المعاجم. (المؤلف)
(٤) يبرين ـ بالفتح ثمّ السكون ـ : رمل لا تدرك أطرافه عن يمين مطلع الشمس من حجر اليمامة ، وقيل : إنّه من أصقاع البحرين ، به منبران ، وهناك الرمل الموصوف بالكثرة [معجم البلدان : ٥ / ٤٢٧] (المؤلف)