ثمّ توصّل مجد الدين إلى أن يكون كاتباً في المخزن ـ وهو كوزارة الماليّة في عصرنا ـ وكانت توقيعات التعيينات مسندةً كتابتها إليه ، ثمّ ترقّى حتى صار صدراً في المخزن ، أي صاحب المخزن ـ كوزير الماليّة في عصرنا ـ وكان ذلك في ليلة عاشر ذي القعدة سنة (٦٠٥) مضافاً إلى ولاية دُجيل ، وطريق خراسان ـ أي لواء ديالى والخالص ـ والخزانة والعقار وغير ذلك من أعمال الحضرة ببغداد (١).
ولمّا كان كاتباً عدلاً في المخزن كان له من الجراية ـ أي الجامكية ـ خمسة دنانير في الشهر ؛ فلمّا ولي الصدريّة قرّر له عشرة دنانير ، وقد ذكر القفطي حكاية وقعت للمترجم أيّام تولّيه صدريّة المخزن ، إلاّ أنّ سقم الخطّ الذي كتبت به أحالها ، قال : سأله بعض التجّار والغرباء العناية بشخص في إيصال حقّه إليه من المخزن فوعده ومطله ، فقال التاجر الشافع ـ وكان يدلّ عليه ـ : فدفعت إليه في كلّ يوم بدانق. قال له : وكيف؟ قال : لأنّك كنت عدلاً أقرب منه حالاً اليوم. وأشار إلى أنّه لمّا زيد رزقه ورفعت مرتبته تجبر دصر ـ كذا ـ زيادة ، وهي سدس درهم في كلّ يوم وهو الدانق حتى أخجله الله وصرف عن ذلك وسجن مدّة (٢) ، وكان عزله عن تلك الولايات كلّها يوم السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأوّل سنة (٦١١) ، ثمّ أُطلق من السجن وجُعل وكيلاً كاتباً بباب دار الأمير عدة الدين أبي نصر محمد بن الناصر لدين الله ، ومات وهو على ذلك في منتصف شعبان من سنة (٦١٦) ، وكان كهلاً ، ودُفن في مقابر قريش أي أرض المشهد الكاظمي (٣).
وكان له من الأولاد ابن اسمه صفيّ الدين عبد الله ، كان مقدّم شعراء الديوان في
__________________
(١) أصول التاريخ والأدب : ١٩ / ١٦٦ ، والجامع المختصر : ٩ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦. (المؤلف)
(٢) أصول التاريخ والأدب : ٩ / ٦٨. (المؤلف)
(٣) الأصول المذكورة : ١٩ / ١٦٦ ، ومعجم الأدباء : ٧ / ١١٠ [١٩ / ٦٠] ، ومن معجم الأدباء نقل السيوطي كما في البغية : ص ١٠٧ [١ / ٢٥٠ رقم ٤٦٠] ، وترجمه الذهبي نقلاً عن مجد الدين ابن النجّار ، أصول التاريخ : ٢٤ / ٢٤٧. (المؤلف)