على عادته المذكورة وقاعدته ، ولتكن صلاته وجماعته في جامع القصر الشريف (١) في الضفّة التي لأصحاب أبي حنيفة ـ رحمة الله عليه ـ وليصرف حاصل الوقوف المذكورة في سبلها بمقتضى شرط الواقف المذكور في كتاب الوقفيّة ، من غير زيادة فيها ولا عدول عنها ولا حذف شيء منها ، عالماً أنّه مسؤول في غده عن يومه وأمسه ، وإنّ أفعال المرء صحيفة له في رمسه.
وليبذل جهده في عمارة الوقوف المذكورة واستنمائها ، واستثمار حاصلها وارتفاعها ، مستخيراً من يستخدمه فيها من الأجلاد الأُمناء ذوي العفّة والغناء ، متطلّعاً إلى حركاتهم وسكناتهم ، مؤاخذاً لهم على ما لعلّه يتّصل به من فرطاتهم ، لتكون الأحوال متّسقة النظام ، والمال محروساً من الانثلام ، وليبتدئ بعمارة المشهد والمدرسة المذكورين ، وإصلاح فرشها ومصابيحها ، وأخذ القوّام على الخدمة بها ، وإلزام المتفقّهة بملازمة الدروس وتكرارها ، وإتقان المحفوظات وإحكامها ، وليثبت بخزانة الكتب من المجلّدات وغيرها ، معارضاً ذلك بفهرسته متطلّبا ما عساه قد شذّ منها ، وليأمر خازنها بعد استصلاحه بمراعاتها ونفضها في كلّ وقت ومرمّة شعثها ، وأن لا يخرج منها إلاّ إلى ذي أمانة ، مستظهراً بالرهن عن ذلك ، وليتلقّ هذه الموهبة بشكر يرتبطها ويدبّر أخلافها ، واجتهاد يضبطها ويؤمن إخلافها ، وليعمل بالمحدود له في هذا المثال من غير توقّف فيه بحال إن شاء الله تعالى. وكتب لسبع بقين من ذي القعدة من سنة أربع وستمائة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلّى الله على نبينا محمد وآله الطاهرين الأكرمين وسلّم (٢).
__________________
(١) هو جامع سوق الغزل الحالي ، ولكنّه كان أوسع أقطاراً وأوعب للناس. (المؤلف)
(٢) الجامع المختصر : ٩ / ٢٣٣ ـ ٢٣٦. (المؤلف)