النصيبيني الشافعي المفتي الرحّال ، أحد الصدور والرؤساء المعظّمين ، كان إماماً في الفقه الشافعي ، بارعاً في الحديث والأُصول والخلاف ، مقدّماً في القضاء والخطابة ، متضلّعاً في الأدب والكتابة ، موصوفاً بالزهد.
سمع الحديث بنيسابور عن أبي الحسن المؤيّد بن عليّ الطوسي ، وزينب الشعريّة (١) ، وحدّث بحلب ودمشق وبلاد كثيرة ، وروى عنه الحافظ الدمياطي (٢) ، ومجد الدين بن العديم (٣) ، وفقيه الحرمين الكنجي (٤) في كفاية الطالب (٥) ، قال في الكتاب (ص ١٠٨) : فمن ذلك ما أخبرنا شيخنا حجّة الإسلام شافعيّ الزمان أبو سالم محمد بن طلحة ، القاضي بمدينة حلب.
أقام بدمشق في المدرسة الأمينيّة ، وترسّل عن الملوك وساد وتقدّم ، وفي سنة (٦٤٨) كتب الملك الناصر ، المتوفّى (٦٥٥) صاحب دمشق تقليده بالوزارة فاعتذر وتنصّل فلم يقبل منه ، فتوّلاها بدمشق يومين كما في طبقات السبكي (٦) (٥ / ٢٦) ، وتركها وانسلّ خفية وترك الأموال والموجود وخرج عمّا يملك من ملبوس ومملوك وغيره ، ولبس ثوباً قطنيّا وذهب فلم يُعرف موضعه ، وقد نسب إلى الاشتغال بعلم
__________________
(١) بنت عبد الرحمن بن الحسن الجرجاني أمّ المؤيّد توفّيت سنة (٦١٥) ، فقيهة اشتغلت بالحديث ، وأخذت عن جماعة من كبار العلماء رواية وإجازة ، مولدها ووفاتها بنيسابور [أنظر وفيات الأعيان : ٢ / ٣٤٤ رقم ٢٥١]. (المؤلف)
(٢) أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي شيخ المحدّثين ، المولود في آخر سنة (٦١٣) والمتوفّى (٧٠٥) ، كان كثير المشايخ يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ ، ألّف كتاباً في تراجمهم في مجلّدين. (المؤلف)
(٣) قاضي القضاة عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن العديم الحلّي ثمّ الدمشقي الحنفي ، توفّي سنة (٦٧٧). (المؤلف)
(٤) أبو عبد الله محمد بن يوسف القرشي الشافعي المتوفّى (٦٥٨). (المؤلف)
(٥) كفاية الطالب : ص ٢٣١ باب ٦٢.
(٦) طبقات الشافعية الكبرى : ٨ / ٦٣ رقم ١٠٧٦.