فإن غفل عن تاريخه المترجمون فقد عقد هو لنفسه ترجمة ضافية الذيول ، خالدة مع الدهر ، فلم يترك لمن يقف على شعره ملتحداً عن الاعتراف له بالعبقريّة والنبوغ ، والإخبات إليه بالتقدّم في التورية والاستخدام.
قال ابن حجّة في الخزانة (١) : تعاصر هو والسرّاج الورّاق والحمّامي ، وتطارحوا كثيراً وساعدتهم صنائعهم وألقابهم في نظم التورية ، حتى إنّه قيل للسرّاج الورّاق : لو لا لقبك وصناعتك لذهب نصف شعرك. ودون مقامه ما يوجد من جميل ذكره في الخزانة (٢) لابن حجّة ، وفوات الوفيات للكتبي (٢ / ٣١٩) ، والبداية والنهاية لابن كثير (١٣ / ٢٩٣) ، وشذرات الذهب (٥ / ٣٦٤) ، ونسمة السحر لليمني ، والطليعة في شعراء الشيعة للعلاّمة السماوي ، وقد جمع له شيخنا السماوي من شعره ديواناً يربو على ألف ومائتين وخمسين بيتاً ؛ وكان له ديوان وصف بالشهرة في معاجم السلف ، وله أُرجوزة في ذكر من تولّى مصر من الملوك والخلفاء وعمّالها ذكرها له صاحب نسمة السحر ، فقال : مفيدة ، فكأنّها توجد في مكتبات اليمن ، وقد وقف عليها صاحب النسمة ، ومن شعره قوله في رثاء الإمام السبط عليهالسلام في تمام المتون للصفدي (٣) (ص ١٥٦) وغيره :
ويعود عاشورا يُذكّرني |
|
رزءَ الحسين فليت لم يعُدِ |
يومٌ سيبلى حين أذكره |
|
أن لا يدور الصبر في خلدي |
يا ليت عيناً فيه قد كُحِلتْ |
|
في مرود لم تنجُ من رمدِ |
ويداً به لشماتةٍ خُضِبتْ |
|
مقطوعةٌ من زندها بيدي |
أما وقد قُتل الحسينُ به |
|
فأبو الحسين أحقّ بالكمدِ |
__________________
(١) خزانة الأدب : ٢ / ٤٨.
(٢) خزانة الأدب : ص ٥٦ ، فوات الوفيات : ٤ / ٢٧٧ رقم ٥٧١ ، البداية والنهاية : ١٣ / ٣٤٢ حوادث سنة ٦٧٩ ه ، شذرات الذهب : ٧ / ٦٣٦ حوادث سنة ٦٧٩ ه ، نسمة السحر : مج ٩ / ج ٢ / ٥٩٦.
(٣) تمام المتون : ص ٢٠٧.