وهلاّ كان منه ما أوحى الله تعالى إلى يوسف (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١)؟
وهلاّ كان منه ما أنبأ آدم الملائكة من أسمائهم أمراً من الله (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) (٢)؟
وهلاّ كانت منه تلكم البشارات الجمّة المحكيّة عن التوراة والإنجيل والزبور وصحف الماضين وزبر الأوّلين بنبوّة نبيّ الإسلام وشمائله وتاريخ حياته وذكر أمّته؟
وهلاّ كانت منه تلك الأنباء الصحيحة المرويّة عن الكهنة والرهابين والأقسّة حول النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل ولادته؟
ليس هناك أيّ منع وخطر إن علّم الله أحداً ممّن خلق بما شاء وأراد من الغيب المكتوم من علم ما كان أو سيكون ، من علم السموات والأرضين ، من علم الأوّلين والآخرين ، من علم الملائكة والمرسلين ، كما لم يُرَ أيّ وازع إذا حَبا أحداً بعلم ما شاء من الشهادة وأراه ما خلق كما أرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض ، ولا يُتصوّر عندئذٍ قطُّ اشتراك مع المولى سبحانه في صفته العلم بالغيب ، ولا العلم بالشهادة ولو بلغ علم العالم أيّ مرتبة رابية ، وشتّان بينهما ، إذ القيود الإمكانيّة البشريّة مأخوذة في العلم البشريّ دائماً لا محالة ، سواءٌ تعلّق بالغيب أو تعلّق بالشهادة ، وهي تلازمه ولا تفارقه ، كما أنَّ العلم الإلهي بالغيب أو الشهادة تؤخذ فيه قيود الأحديّة الخاصّة بذات الواجب الأحد الأقدس سبحانه وتعالى.
وكذلك الحال في علم الملائكة ، لو أذن الله تعالى لإسرافيل مثلاً ، وقد نصب بين عينيه اللوح المحفوظ الذي فيه تبيان كلّ شيء ، أن يقرأ ما فيه ويطّلع عليه لم
__________________
(١) يوسف : ١٥.
(٢) البقرة : ٣٣.