ـ وليس هو كلّ الغيب ولا جلّه ـ وعدم خفاء شيء من ذلك عليهم يستلزم الشرك بالله في صفة علمه بالغيب ، تحديد (١) لعلم الله ، وقول بالحدِّ في صفاته سبحانه ، ومن حدّه فقد عدّه ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيراً. والنصوص الموجودة في الكتاب والسنّة على أن لا يعلم الغيب إلاّ الله قد خفيت مغزاها على المغفّل ولم يفهم منها شيئاً (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) (٢).
ونسائل الرجل : كيف خفي هذا الشرك المزعوم على أئمّة قومه؟ فيما أخرجوه عن حذيفة قال : أعلمه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما كان وما يكون إلى يوم القيامة (٣). وما أخرجه أحمد ـ إمام مذهب الرجل ـ في مسنده (٤) (٥ / ٣٨٨) عن أبي إدريس ، قال : سمعت حذيفة بن اليمان يقول : والله إنّي لأعلم الناس بكلِّ فتنة هي كائنةٌ فيما بيني وبين الساعة.
وقد جهل بأنّ علم المؤمن بموته واختياره الموت واللقاء مهما خيّر بينه وبين الحياة ليس من المستحيل ، ولا بأمر خطير بعيد عن خطر المؤمن فضلاً عن أئمّة المؤمنين من العترة الطاهرة ، هلاّ يعلم الرجل ما أخرجه قومه في أئمّتهم من ذلك وعدّوه فضائل لهم ، ذكروا عن ابن شهاب (٥) قال : كان أبو بكر ـ ابن أبي قحافة ـ
__________________
(١) خبر ل (أنّ) في قوله السابق : أنّ الحكم.
(٢) الحج : ٣.
(٣) صحيح مسلم في كتاب الفتن [٥ / ٤١٠ ح ٢٢] ، مسند أحمد : ٥ / ٣٨٦ [٦ / ٥٣٤ ح ٢٢٧٧٠] ، البيهقي [في دلائل النبوّة : ٦ / ٤٠٦] ، تاريخ ابن عساكر : ٤ / ٩٤ [١٢ / ٢٦٦ رقم ١٢٣١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ٢٤٩] ، تيسير الوصول : ٤ / ٢٤١ [٤ / ٢٩٠ ح ٨] ، خلاصة التهذيب : ص ٦٣ [١ / ٢٠١ رقم ١٢٦٧] ، الإصابة : ١ / ٣١٨ [رقم ١٦٤ ٧] ، التقريب : ص ٨١ [تقريب التهذيب : ١ / ١٥٦ رقم ١٨٣]. (المؤلف)
(٤) مسند أحمد : ٦ / ٥٣٦ ح ٢٢٧٨٠.
(٥) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٦٤ [٣ / ٦٦ ح ٤٤١١] ، صفة الصفوة : ١ / ١٠ [١ / ٢٦٣ رقم ٢]. (المؤلف)