والحارث بن كلدة يأكلان حريرة أُهديت لأبي بكر ، فقال الحارث لأبي بكر : ارفع يدك يا خليفة رسول الله إنّ فيها لسمّ سنة ، وأنا وأنت نموت في يوم واحد ، فرفع يده ، فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة.
وذكر أحمد في مسنده (١) (١ / ٤٨ و ٥١) والطبري في رياضه (٢) (٢ / ٧٤) إخبار عمر عن موته بسبب رؤيا رآها ، وما كان بين رؤياه وبين يوم طعن فيه إلاّ جمعة ، وفي الرياض (٣) (٢ / ٧٥) عن كعب الأحبار : إنّه قال لعمر : يا أمير المؤمنين اعهد بأنّك ميّت إلى ثلاثة أيّام. فلمّا قضى ثلاثة أيّام طعنه أبو لؤلؤة ، فدخل عليه الناس ودخل كعب في جملتهم ، فقال : القول ما قال كعب.
وروي أنَّ عيينة بن حصن الفزاري قال لعمر : احترس أو اخرج العجم من المدينة ، فإنّي لا آمن أن يطعنك رجل منهم في هذا الموضع ، ووضع يده في الموضع الذي طعنه فيه أبو لؤلؤة.
وعن جبير بن مطعم قال : إنّا لواقفون مع عمر على الجبل بعرفة ، إذ سمعت رجلاً يقول : يا خليفة ، فقال أعرابيٌّ من لهب من خلفي : ما هذا الصوت؟ قطع الله لهجتك ، والله لا يقف أمير المؤمنين بعد هذا العام أبداً. فسببته وأدّبته ، فلمّا رمينا الجمرة مع عمر ، جاءت حصاة فأصابت رأسه ففتحت عرقاً من رأسه فسال الدم ، فقال رجل : أشعر أمير المؤمنين ، أما والله لا يقف بعد هذا العام هاهنا أبداً. فالتفتّ فإذا هو ذلك اللهبي ، فو الله ما حجّ عمر بعدها. خرّجه ابن الضحّاك.
وإن تعجب فعجبٌ إخبار الميّت وهو يُدفن عن شهادة عمر في أيّام خلافة
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ٧٩ و ٨٢ ح ٣٤٣ و ٣٦٤.
(٢) الرياض النضرة : ٢ / ٣٥٤.
(٣) الرياض النضرة : ص ٣٥٥.