فالفعل المضارع إذا وقع بعد الفاء جوابا فإنه ينصب إذا سبقه نفي أو أمر .. إلخ.
ولهذا جاء (الجحود) هنا بمعنى النفي كما في قوله تعالى : («لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) (١).
وفي المرة الثالثة تحت عنوان «باب التبرئة وهي لا تقع إلا على نكرة» يقول الخليل (٢) :
باب التبري النصب فاعرف حدّه |
|
لا شك فيه مثل من يستصحب |
وهو الجحود وما ابتدأت فإنه |
|
لا ظلم من ربّ البريّة يرهب |
فـ (لا) التي للتبرئة هي (لا) النافية للجنس ؛ الداخلة على نكرة هي (لا) التي للجحود ، ومثالها كما أورد الخليل (لا ظلم من رب البرية يرهب).
وورود هذا المصطلح لدى الخليل يؤكد أنه بصري أخذه الكوفيون من الخليل فشاع على ألسنتهم ، وبهذا فلا مجال لقول بعض المحدثين إن هذا المصطلح كوفي يعني النفي ، يقول الدكتور مهدي المخزومي (٣) عن هذا المصطلح (الجحد) : «ويعني الكوفيون به ما يعنيه البصريون من كلمة النفي ، والنفي مصطلح بصري ، مقتبس من ألفاظ المتكلمين ، وكلامهم في الثبوت والثابت ، والنفي والمنفي ، وقد جاءت كلمة «الحجد» في كلام الفراء وثعلب كثيرا ، ولا أعلم أنهما استعملا كلمة «النفي».
وتعليقي على ذلك ، أنه ليس معنى أن المصطلح وارد في كلام الفرّاء وثعلب كثيرا أن يكون المصطلح كوفيّا ، فالفرّاء وثعلب تتلمذا على يد البصريين ، بل إن الفرّاء تتلمذ على كتاب سيبويه عاكفا عليه (٤) ، كما أن ليس عدم ورود النفي في كلامهما يفسر دليلا على ذلك ، فليس لدينا ـ بشكل مؤكد ـ كل تراثهما المخطوط حتى نتيقن من ذلك. إضافة إلى أن وجود هذا المصطلح المتكرر عند الخليل يؤكد عدم صحة أن المصطلح «كوفي» ، والذي أذهب إليه
__________________
(١) سورة فاطر الآية ٣٦.
(٢) المنظومة البيتان ٢٥٧ ، ٢٥٨.
(٣) مدرسة الكوفة ٣٠٩.
(٤) المدارس النحوية ٣٨.