أن الخليل استخدم مصطلح (الجحود أو الجحد) كما استخدم كلمة (النفي) ومع مرور الزمن شاع مصطلح (الجحود) للإنكار واستخدمه النحاة مع (لام الجحود) التي ينصب المضارع بعدها بأن مضمرة وجوبا ، وشاع مصطلح (النفي) بمعناه الحقيقي ضد الإيجاب والثبوت فجاءت لا النافية وما النافية .. إلخ ، حيث كان يستخدم مصطلح (الجحد) بمعنى النفي.
إذن ؛ كان الجحد والجحود يتبادلان موقعي الإنكار والنفي لدى الخليل بالإضافة إلى استخدامه لمصطلح (النفي) ـ إلى أن استقرّ الأمر بعد ذلك على أن (الجحود) للانكار والنفي للإيجاب ، واختفى مصطلح (الجحد) رويدا رويدا.
ولو قارنا بين ما ورد عند الخليل في المنظومة منذ قليل وما ورد عنده في كتابه (الجمل) لكان ذلك دليلا على ما نحن بصدده حيث استخدم (الجحود) مع اللام الناصبة للمضارع حين قال (١) : «ولام الجحود مثل قولك : (ما كان زيد ليفعل ذلك) ، (وما كنت لتخرج) ، قال الله جلّ اسمه (٢) : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (٣) عملها وهي مكسورة ، ومعنى الجحود إدخال حرف الجحد على الكلام ، وهو مثل قولك ما (كان زيد ليفعل). والمتأمل لقول الخليل «ومعنى الجحود إدخال حرف الجحد على الكلام) يدرك ؛ أن المقصود بحرف (الجحد) أي حرف النفي ، ويكون معنى الجحود هو الإنكار. وهذا ما فعله عند ما تكلم عن أنواع (لا) فقال (٤) : و (لا) الجحد نحو قال الله تعالى (٥) : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ
__________________
(١) الجمل في النحو العربي ٢٥٣.
(٢) سورة البقرة ١٤٣.
(٣) سورة الانفال ٣٣.
(٤) الجمل في النحو العربي ٢٩٦.
(٥) سورة النحل ٣٨.