قال (١) : وأما منذ فضمت لأنها للغاية» والغالب أن هذا الرأي للخليل أيضا.
ولم يبق قي نهاية الأمر إلا أن نؤكد أن الفرّاء مسبوق في استخدام هذا المصطلح بالخليل وسيبويه في مواضع كثيرة ، وأن الأولوية المطلقة التي ذكرها الباحث ليست صحيحة.
الخفض :
استخدم الخليل مصطلح (الخفض) في مواضع متعددة (٢) خلال منظومته النحوية ، وكان المصطلح عنده واسع الأدلة فأحيانا يستخدمه مع الاسم المنون «ما يجرى».
ومرة مع الاسم غير المنون «ما لا يجري» ومرة يطلق المصطلح ويقصد كسر نون المثنى .. إلخ.
وكأنه كان يساوي بين مصطلحي الخفض والجر في استخدام واحد مترادفين ، وإذا كان الخليل قد استخدمه في المنظومة أكثر من أربع عشرة مرة ، إضافة إلى التنوع في الاستخدام ، فليس من حق النحاة المحدثين (٣) أن يشيروا إلى «أن الكوفيين توسعوا في «الخفض» فاستعملوه في الكلمات المنونة وغير المنونة ، بعد أن كان الخليل لا يستعمله إلا في المنوّن» فهذا كلام يفتقد الدقة ، لأن سيبويه قد توسّع في استخدام المصطلح قبل استخدام الكوفيين له أصلا ، فاستخدمه مع المنوّن وغير المنوّن.
وفيما يلي بعض النصوص الواردة في المنظومة توضح صور استخدام الخليل لهذا المصطلح. يقول الخليل (٤) عن المثنى :
رجلان أو أخوان فاعلم أنّه |
|
كالخفض نصبهما معا يا حوشب |
والنون في (الاثنين) خفض والتي |
|
في الجمع تنصب تارة وتقلّب |
ففي البيت الأول جاء النصب كالخفض في المثنى بالياء والنون ، والمثنى ليس منوّنا. وفي البيت الثاني جاء «الخفض» مقصودا به كسر نون المثنى ،
__________________
(١) الكتاب ٣ / ٢٨٧.
(٢) المنظومة في الأبيات النالية ٣٠ ، ٣١ ، ٣٣ ، ٨٦ ، ١٢١ ، ١٢٤ ، ١٣٥ ، ١٧٠ ، ١٨٥ ، ١٩٨ ، ٢٠٦ ، ٢٥٢ ، ٢٧٦ ، ٢٨٤ ، وقد ذكر المصطلح ما بين «الخفض» «خفضت» «اخفض».
(٣) مدرسة الكوفة ، د. مهدي المخزومي ص ٣١١ وانظر المدارس النحوية ص ١٣٢.
(٤) المنظومة البيتان ٣٠ ، ٣١.