وإذا كان الخليل قد استخدم (الصفة) بمعنى النعت مرة ، وبمعنى التوكيد مرة ، فلا نستبعد أن يستخدمها بمعنى الخبر الواقع ظرفا عند ما يقول في منظومته (١) :
فإذا تقدمت الصفات فرفعها |
|
لا عندنا رجل يصيد مكلّب |
وربما كان استخدام الخليل للصفة بهذا المعنى سببا في شيوعها عند الكوفيين فيما بعد وأطلق عليها (صفة تامة).
يقول أحد الباحثين (٢) : «ويريد بها الكوفيون ما كان من الظرف خبرا ومحلا للأسماء ، كقولك فيها زيد قائما ، فالصفة فيها خبر للمبتدأ (زيد) ومحل له (أي ظرف) وهي صفة تامة ؛ لأنها محل الأسم» ولم يبتعد الخليل كثيرا في استخدامه للمصطلح عن هذا المعنى في كتابه (الجمل) (٣).
ويبدو أن مصطلح (الوصف) لم يكن قد استقر تماما على يد الخليل وسيبويه والكوفيين الذين نقلوه عن المدرسة البصرية ، فمرة يستخدم بمعنى (النعت) ، ومرة أخرى بمعنى (التوكيد) ، ومرة ثالثة بمعنى الظرف أو الجار والمجرور الواقعين خبرا ، ومرة رابعة بمعنى الصفة المشبهة (٤) ؛ وغير أن هناك محاولة جادة للتفرقة بين (الوصف) بمعنى (النعت) و (النعت) كمصطلح مرادف للصفة ، فقد ذكر (٥) أن الخليل بن أحمد قال : «إن (النعت) لا يكون إلا في الصفات المحمودة ، وأن (الوصف) يكون في المحمود وفي غيره من الصفات» ، وبهذا يكون الوصف أعم من النعت حيث يقتصر (النعت) على المحمود ، ويعم (الوصف) المحمود وغيره.
__________________
(١) البيتان ٢٢٥ ، ٢٦١ وانظر معنى (مكلّب) في هامش البيت من المخطوطة.
(٢) المدارس النحوية ١٣٠ نقلا عن الأصول لابن السراج ١ / ٢٤٧ بيروت.
(٣) الجمل ١٣٩ ، وقد أشار السيرافي إلى أن الكوفيين يطلقون عليه : (الظرف التام) انظر الكتاب ٢ / ١٢٥ هامش من كلام السيرافي بتعليق الأستاذ عبد السّلام هارون.
(٤) الكتاب ١ / ١٩٣.
(٥) الصاحبي ص ٨٨ أحمد بن فارس القاهرة ١٣٢٨ ه ـ ١٩١٠ م.