وفي رواية (١) : أن عمر قال لكعب : أين ترى نجعل المصلى؟ قال : إلى الصخرة ، فقال : ضاهيت والله يا كعب اليهودية ، بل نجعل قبلته صدره كما جعل رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، قبلة مساجدنا صدورها ، اذهب إليك فإنا لم نؤمر بالصخرة ولكن أمرنا بالكعبة. ولما فرغ عمر من فتح إيلياء وعزل الصخرة من القمامة ، وأبقى النصارى على حالهم بأداء الجزية ، فسمى المسلمون كنيسة النصارى العظمى (٢) عندهم قمامة تشبيها بالمزابل وتعظيما للصخرة الشريفة ، ثم ارتحل من القدس إلى أرض فلسطين.
وكان هذا الفتح في سنة خمس عشرة (٣) (٤) من الهجرة الشريفة ، قاله ابن الجوزي (٥) ، رضياللهعنه ، وغيره من المؤرخين. وقيل : كان في سنة ستة عشر (٦) في ربيع الأول. وقيل : لخمس خلون من ذي القعدة ، والله أعلم. ووجد على رأس بعض التصاوير التي كانت في المسجد الأقصى عقب ما استنقذه المسلمون منهم هذه الأبيات ويقال إنها لابن ضامن الضبعي بعكا :
أدمى الكنائس أن تكن عبثت |
|
بكم أيدي الحوادث أو تغير حال |
فلطالما سجدت لكن شمامس |
|
شم الأنوف ضراغم أبطال |
بعدا على هذا المصاب لأنه |
|
يوم بيوم والحرب سجال (٧) |
روي أن أمير المؤمنين عمر لما فتح بيت المقدس وكتب كتاب الأمان والصلح وقبضوا كتابهم وأمنوا الناس بعضهم في بعض وأقام عمر أياما ، ثم قال لأبي عبيدة : لم يبق (٨) أمير من أمراء الأجناد غيرك إلا استزارني ، فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين إني أخاف أن أستزيرك فتعصب عينيك في بيتي. قال : فاستزرني ، قال : فزرني ، فلما أتاه عمر في بيته فإذا ليس فيه (٩) إلا لبد فرسه ، وإذا هو فراشه وسرجه ووسادته ، وإذا كسر يابسة في كوة بيته فجاء بها فوضعها (١٠) على الأرض بين يديه
__________________
(١) وفي رواية أن عمر قال لكعب أ : وروي أن عمر قال لكعب ب ج د ه.
(٢) العظمى أ ب ج د : المعظمة ه.
(٣) سنة ١٥ ه / ٦٣٦ م.
(٤) خمس عشرة أ ج : خمسة عشر ب د ه.
(٥) ورد هكذا في كتاب فضائل القدس لابن الجوزي ، ينظر : السيوطي ، إتحاف ١ / ٢٤٠.
(٦) سنة ١٦ ه / ٦٣٧ م.
(٧) ينظر هذه الأبيات : المقدسي ، مثير ١٦٩ ـ ١٧٠.
(٨) لم يبق ... استزارني أ ب ج : ـ د ه.
(٩) فيه أ : + شيء ب ج د ه / / ووسادته أ لا : وإذا هو وسادته ب ج د ه.
(١٠) فوضعها أ ب ج : ووضعها د ه.