وأخرجوا الكفار وغنموا أموالهم. وكان هذا الفتح في منتصف ذي القعدة ، وعرض السلطان القلعة على جماعة (١) فلم يقبلوها ، فولاها قايماز النجمي على كره منه.
ثم تحول السلطان إلى أرض بيسان وأذن للأمراء (٢) والجند في الانصراف ، وسار معه أخوه الملك العادل في مستهل ذي الحجة إلى القدس الشريف / / ووصل يوم الجمعة ثامن الشهر وصلى في قبة الصخرة وعيد بها يوم الأضحى ونحر الأضحية.
وسار يوم الاثنين إلى عسقلان للنظر في مصالحها وتدبير أموالها ، وأقام أياما ثم ودعه أخوه الملك العادل وسار بعسكره إلى مصر ورحل السلطان إلى عكا.
ودخلت سنة ٥٨٥ ه (٣) والسلطان مقيم بعكا يرتب أمورها ويحصنها إلى أن وصل جماعة من مصر فأمرهم بالإقامة فيها وأمر بهاء الدين قراقوش بإتمام بناء سورها. ثم سار إلى طبرية ودخل دمشق مستهل صفر ، ثم خرج منها يوم الجمعة ثالث ربيع الأول متوجها إلى شقيف أرنون (٤) ، وأتى مرج عيون (٥) وخيم فيه بقرب الشقيف.
واعتد للقتال يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأول ، وكان الشقيف في يد أرناط (٦) صاحب صيدا ، فنزل إلى خدمة السلطان يسأله أن يمهله ثلاثة أشهر لينقل أهله من صور وأظهر أنه يخاف أن يعلم المركيس بحاله فلا يمكنه من أهله فأجابه السلطان لذلك وشرع أرناط في تحصين نفسه واستعداده للحرب.
فعلم السلطان بحقيقة حاله ، فتقرب السلطان من الشقيف ، فلما علم صاحب الشقيف بذلك حضر إلى خدمة السلطان ، وشرع في الاستعطاف له وإزالة ما عنده وعاد إلى حصنه. ثم حضر وأنهى تخوفه على أهله وسأل المهلة سنة. فأرسل السلطان من كشف الحصن فوجده قد تحصن زيادة على ما كان فيه. فأمسك صاحب
__________________
(١) جماعة أ د ه : جماعته ب : ـ ج / / على كره أ ب د : ـ ج ه.
(٢) للأمراء أ ب د : ـ ج ه.
(٣) ٥٨٥ ه / ١١٨٩ م.
(٤) شقيف أرنون : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، ثم ياء مثناة من تحت ، وفاء ، وبعد الراء الساكنة نون ثم واو ساكنة ونون أخرى ؛ وهو قلعة حصينة جدا في كهف من الجبل قرب بانياس من أرض دمشق بينها وبين الساحل ، ينظر : ياقوت ، معجم ٣ / ٣٥٦ أبو الفداء ، تقويم ٢٤٤ ؛ البغدادي ، مراصد ٢ / ٨٠٧ ؛ حطيط ١٩٦ ؛ حتى ٣٥٨.
(٥) مرج عيون : قرية في الجنوب اللبناني على الساحل الشامي ، ينظر : البغدادي ٣ / ١٢٥٤.
(٦) يبدو أن أرناط هذا غير أرناط صاحب الكرك الذي قتله صلاح الدين بعد وقعة حطين وهناك اسما آخر لصاحب شقيف هو رينالد الصيدلاوي ، وقد أرسله صلاح الدين إلى دمشق مصفدا ، ثم فك الحصار عن الحصن ليتفرغ لمراقبة جيش الفرنج ، ينظر : ابن تغري بردي ، النجوم ٦ / ٤٠ ؛ رنسيمان ٣ / ٥٣.