[٧٦] (وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها)
الإنسان الذي يحمل الرسالة لا بد ان يضع في اعتباره انه سوف يتعرض للضغوط الاجتماعية ، والمادية ، ومن ضمن هذه الضغوط (الإخراج والتهجير والمقاطعة الاجتماعية والإيذاء) ومن يقرأ ما عانى رسول الله من الإيذاء لا يمتلك دموعه وخاصة عند ما فقد عمه وزوجته في عام الأحزان ، ولم يجد أحدا يمنع المشركين عن أذاه ، فاشتد ايذاؤهم له ، وتولى ابو لهب سيادة قريش ، ويزداد أذى له وهو عمه وأقرب الناس اليه ، وإذا كان عمه هكذا فكيف يكون المشركون؟!
ثم بعد ما ضاقت عليه الأرض بما رحبت هاجر الى الطائف ، ولقي من العنت مثلما لقي في مكة ، فاذا بصبيانها يدمون رجلي الرسول بالحجارة ، وعند ما تأزمت الأمور أكثر بين الرسول وأهل مكة حاولوا إخراجه ، ومن ثم تآمروا على قتله ، فهاجر الى المدينة ليفتح بذلك صفحة جديدة أطلت على التاريخ ببوارق الأمل.
«يستفزونك» اي يخرجونك وينفرونك ، وهذه ثانية خطط إبليس وشياطينه حيث انهم حين يفشلون في تغيير الرسالة لتوافق مصالحهم ، ولا أقل لكي لا تضرها رغم اغرائهم لصاحب الرسول بأنهم سوف يدخلون في دينه لو فعل ذلك ـ أقول بعد فشلهم هذا يتوسلون بالارهاب ، ويحاولون طرد صاحب الرسالة ـ من أرضهم.
ونلاحظ ان القرآن أشار الى هاتين الخطتين في الآية (٦٣) حيث قال : «وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ».
وكأن السياق هنا يذكرنا بفشل إبليس مع نبينا ، وان علينا الا ندعه ينجح معنا أيضا ، أو لسنا اتباع ذلك الرسول؟!
(وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً)