من محمد ، وهو قول الله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً).
وبالرغم من ان الآيات تخاطب النبي صلى الله عليه وآله ، وفسرت في أكثر النصوص المأثورة عن علماء المسلمين جميعا بالشفاعة التي خص بها الرب حبيبه محمدا صلى الله عليه وآله ـ بالرغم من ذلك ـ الا ان القرآن نزل على لغة «إياك اعني واسمعي يا جارة» حسب النصوص المأثورة.
وهكذا نعرف انّ نافلة الليل هي معراج المؤمن الى الكمال ، انها تطهر القلب عن عقده واحقاده ، واهتماماته بصغائر الأمور ، وتوسع الصدر لاستقبال المسؤوليات العظام ، وتشحذ العزيمة لتحدي العقبات ، وتنهض الإرادة الخاملة ، وتعطى النفس قوة دفع ذاتية ، وكل ذلك بفضل القرب الى الرب ، ولعل كلمة «عسى» في هذه الآية كما لفظة لعل في آيات اخرى تذكرنا بان هذه الحقائق ليست مثل الحقائق الفيزيائية التي تقضي بحتميّة النتائج بعد الأسباب ، بل انها حقائق فوق مادية تتبع مشيئة الله ، والله سبحانه لا يتقبل العمل الا بالتقوى والإخلاص ، وهو ينظر الى روح العمل قبل مظهره ، فعلى الإنسان ان يستمر في الاجتهاد ، ويرجو رحمة الله ، فعسى ان يبلغه الله النتائج وبذلك يحرّض القرآن المؤمنين على المزيد من العمل والمزيد من التضرع الى الله ليبلغوا المقام المحمود بفضله.
نصرة الله :
[٨٠] (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ)
الالتزام بالصدق في المواقف ، في كل مدخل ومخرج منها هو أهم واجبات الرسول والرسالي ، ولان الإنسان يحتمل ان يدخل فيما يكرهه الله ، أو يخرج عما يحبه الله ، فهو بحاجة الى حاجز يمنعه عن الانحراف ، وهذا الحاجز انما هو من عند الله سبحانه ، والمراد من هذه الآية : يا رب ادخلني في الأمور إدخالا صادقا ، واخرجني