اما المؤمن فأنه يعلم ان قوة ساعده ، ونفاذ بصيرته ، ومضاء عزمه كل أولئك كفيل بتقدمه ، وان رزقه موجود في الطبيعة ، في الأرض التي يزرعها ، في المعادن التي يستخرجها ويسخرها ، وبالتالي في التعامل الشريف مع الناس.
وهكذا يبني بناءه على الصدق ، فان دخل في عمل ، في مشروع ، في حركة ، في شركة ، دخل بنية صادقة فلم يدخل ليستغل جهد الآخرين ، ولا ليستريح من بذل الجهد ، ثم لا يخرج الا بصدق فيكمل مسيرته حتى النهاية ، ويتم عمله بأحسن وجه دون ان يخدعه الشيطان ، فيدفعه لترك العمل. متى ما رأى فيه صعوبة.
ولعل صدق العمل في المدخل والمخرج هو التحدي المناسب لخطة إبليس في مشاركة الأموال والأولاد ، حيث قال الله سبحانه في آية مضت بينت مكر إبليس في تضليل البشر قال : «وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً».
إذ ان صدق المؤمن لا يدع مجالا لمشاركة إبليس الذي يهدف إفساد الاقتصاد والتربية ، وكيف يفسد اقتصاد قوم لا يأكلون الحرام ، ولا يسرقون جهد بعضهم ، ولا يتعاملون بغش ، أو تطفيف ، أو تغرير ، أو كذب!
ونستوحي من تواصل بداية الآية وخاتمتها ان الصدق في الدخول والخروج وسيلة لنزول نصر الله ، وبلوغ القوة (السلطان) والعزة (النصر).
والصدق في البداية هو خلوص العمل ، بينما الدعاء في الخاتمة هو التوكل وهما العمل الصادق والتوكل على الله يتكاملان فلا توكل من دون عمل ، ولا ينفع العمل من دون التوكل.
[٨١] (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً)