بعضهم الى بعض ، وهذه سنة إلهية عظيمة وعجيبة ، ولكننا لطول الألف بها نراها عادية لا تثير فينا الاستغراب.
والشمس كل يوم تطلع من هنا وتغرب من هناك ، وتجري بدقة ونظام ، هذه سنة عجيبة ولكننا تعودنا عليها حتى أصبحنا لا نهتم كثيرا لهذا الأمر ، اما إذا حدث كسوف كلي للشمس مثلا ، فأن الناس يظهرون اهتماما بالغا لهذا الحدث ويهرع العلماء الى مراصدهم واجهزتهم العلمية لدراسة هذه الظاهرة.
وأن يحكم نظام طاغوتي في بلد ما ويخضع الناس له راضين بالواقع المنحرف ، هذا شيء ألفناه لكثرة حدوثه وانتشاره حتى أصبحنا نعده شيئا طبيعيا ، ولكن ان تتفجر ثورة الهية ويقوم الثوار المجاهدون بإسقاط ذلك النظام الفاسد ليقيموا نظام الحق والعدل والحرية ، فذلك يعد شيئا غريبا وينظر الناس اليه على انه معجزة عجيبة بينما هو في الواقع سنة الهية كسائر السنن التي نألفها.
وربما تشير هذه الآية الى ان الإنسان عند ما يرى حوادث ووقائع جديدة عليه أو يسمع بها لأول مرة فلا يحق له ان ينكرها ، ويكذب بها ، لمجرد انه لم يألفها ولم يتعود عليها ، فعدم العلم بالشيء لا يعني العلم بعدمه ، وانما على الإنسان ان يتأمل في سنن الله في الخليقة ، وينظر الى عظمته وحكمته وقدرته ، ويؤمن بكل ما يصدر عن الله عز وجل من قول وفعل.
والقرآن يذكر لنا : ان الملائكة عند ما بشروا إبراهيم (ع) بهلاك قوم لوط كانت امرأته قائمة ، فضحكت فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فقالت : (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً؟ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ). قالوا : أتعجبين من امر الله؟
والتعجب الذي ينهى عنه القرآن هو ذلك الذي يؤدي الى الاستنكار وعدم