الإنسان ، والخوف متوغل في اعماق الإنسان الذي يرى ان كل شيء في الكون والحياة ، وحتى ذاته في تغيّر مستمر وحركة دائبة ، ولا شيء يثبت على حاله ، فهو في قلق مما سيحدث له في المستقبل ، لذلك يحاول ان يعتمد على شيء يطمئن اليه ، ولكن بدل ان يدفعه هذا الخوف الى الاعتماد على الله والتوكل عليه ، والمزيد من الالتصاق بمناهجه ، فأنه كثيرا ما يلجأ الى الاستناد الى متاع الحياة الزائل ، والتكاثر في الأموال ، ولذلك ينبه القرآن الإنسان انه عند ما يخاف من تغيرات الحياة وتقلبات الزمان فان هذا شعور سليم ، ولكن عليه الا يوجه هذا الشعور نحو المال لأنه يزول ، بل يوجهه نحو الاعتماد على شيء يبقى.
[٣٨] (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي)
أي انني لا أزال على ديني.
ان كثيرا من الفقراء والمحرومين حينما يجدون امامهم أغنياء يركعون لهم ، ويخضعون لسلطان ثرواتهم ، وبذلك يدفعونهم الى مزيد من الاستغلال والاستكبار ، والقرآن يرفض ذلك عبر هذه القصة وكأنه يقول : ايها الفقراء عليكم ان تعتزوا بأيمانكم بالله ، لأنه هو القادر على أن يغنيكم كما اغنى هؤلاء.
(وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً)
ويبدو ان السياق هنا يسمي الخضوع للغني شركا واتخاذا لإله غير الله.
[٣٩] (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ)
في البداية اتخذ الفقير موقف الدفاع ، وحصّن نفسه من الخضوع للغني ، ولكنه الآن أخذ زمان المبادرة محاولا إصلاح الغني ، وهذا هو الدور المطلوب من الفقراء ، فقال له : لا بد ان تدرك ان ما حدث انما كان بمشيئة الله واذنه ، وحسب قضائه