مهتدون ، وذكّرهم بربهم بأبلغ صورة. أو ليس هو الذي فطرهم ، فلما ذا ينكرونه؟! أو ليس المرجع إليه ، فلم لا يرجونه أو يخافونه؟! أم يعتمدون على الآلهة التي لا تضرّ ولا تنفع ، ولا تمنع عذاب الله عنهم؟! إنّها الضلالة الواضحة (ثم تحداهم بكل عزم وقال :) إنّي آمنت بربّكم فاسمعون (لقد أخذ الرجل وعذّب ثم قتل ثم أحرق ، ولكنّ السياق يتجاوز كلّ ما حدث الى العاقبة فيقول :) قيل له : ادخل الجنة (وبقي حنين هذا الصّدّيق الى بعد استشهاده ، فتراه يقول وهو يدخل الجنة :) (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
بينات من الآيات :
[١٣] قصة المرسلين الثلاثة الى قرية (أنطاكية) التي جعلت قلب سورة (يس) التي هي بدورها قلب القرآن تتمثّل فيها الحقائق التالية :
أولا : توجز مفصّلات الصراع الرسالي مع الجاهلية ، حيث نرى فيها جانبا من حوار الرسل مع الأمم الغاوية ، وحججهم البالغة عليهم ، وشبهات الكفار وردود المرسلين عليها ، وسائر فصول الصراع المعروفة ، فهي ـ بالتالي ـ تجمع جملة الحقائق التي ذكّرت بها آيات الكتاب في هذا الحقل.
ثانيا : تمثّلت فيها سنّة الله في الإنذار ، وعادة الجاهليين في الإنكار ، واللتين ذكرت بهما آيات الدرس الآنف ، وهكذا تكون القصة حجة على الحقائق التي بيّنها القرآن في فاتحة السورة.
ثالثا : إنّ سورة يس تبيّن واقع الجاهليين العرب وهو قريب جدا من واقع أصحاب القرية (في أنطاكية) ذلك لقرب العهد الزمني ، وتشابه الرسالتين (رسالة الله الى عيسى (ع) ورسالته لمحمد (ص)) وهكذا وجب أن نستخلص منها العبرة ربما