(ومن طعام البشر ونظام حياته القائم على أساس التزاوج ، الى بيان آيات ربنا في الآفاق) هذا الليل كيف يسلخ منه النهار (مما يدل على أنّ أوّل ما خلقه الله هو النهار ، ثم سلخه فكان الليل) فإذا هم مظلمون.
والشمس (التي هي محور منظومتنا) تجري بسهولة ويسر (ولكن ضمن خطة مرسومة ، والى نهاية معلومة تستقر عندها) ذلك تقدير العزيز العليم (الذي رسم للشمس مدارها بعلمه ، وسخّرها بعزته).
أمّا القمر فقد قدّره الله أيضا (كما قدّر الشمس) ضمن منازل يجري عبرها يوميا حتى عاد في نهاية الشهر كما العرجون القديم ، ذابلا مصفرّا.
وكلّما تعمّقنا في الخليقة ظهرت آثار التقدير والتدبير أكثر فأكثر ، فلا الشمس يجوز لها أن تسارع حتى تكون كالقمر في سرعة حركته (فإنّ مدار الشمس سنوي ومدار القمر شهري) ولا الليل (الذي يحتوي القمر عادة) يسبق النهار ، ويتجاوز حدوده ، بل كلّ جرم يسير بسرعة معينة في مداره المرسوم له.
(وهكذا يستطيع البشر أن يطمئنّ الى النظام المحيط به ، وأن ينظّم حياته وفقه بدقّة متناهية ، وأن يبني حضارته على هذا الأساس).
وهناك نعمة أخرى ضرورية لسعادة الإنسان وحضارته ، هي نعمة السفن التي هي آية إلهية. إنّها لآية تهدينا الى ربنا ، وتعرّفنا بعزّته ورحمته ، فهي تمخر في البحار ، وتحمل الناس والبضائع الكثيرة ، أمّا في البر فقد خلق الله لنا الأنعام التي تشبه السفن.
(وليس تسخير السفن أو الانعام من صنع البشر ، لأنّه إذا لم يهيء الله الأمور للاستفادة منها فلن يقدر البشر على ذلك) ودليل ذلك أنّه : لو أراد الله إغراقهم