لا لكي نخشى من آياته ، ولا لكي نتمتّع بجمال ما فيه ، ولكن لنزداد وعيا به ومن خلاله بأنفسنا ، فهذا الليل يلبسه ربنا الحكيم ثياب النهار بما يسبغ عليه من ضوء الشمس ودفئها وحركتها ، ثم يسلخه منه فيعود كما كان ، مظلما هادئا إلّا من رواسب النهار. إنّ في ذلك لآية ، دعونا نبصرها.
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ)
تعالوا ننظر هذه المرة الى الليل حين الغروب كما ننظر الى الذبيحة حين يسلخ جلدها ، لنبصر يد القدرة الإلهية كيف تفعل ذلك بلطف وبإتقان وبنظام دقيق.
[٣٨] وآية النهار هي هذه الكرة النارية الملتهبة التي نسمّيها بالشمس ، والتي هي أكبر من بنتها الأرض ، مليون ومائتي ألف مرة. كيف تجري في السماء بيسر وبدقة ، في حركة مستقيمة نحو مستقرّها النهائي ، عند نجمة (وغا) البعيدة وتستقرّ في يوم حيث تكوّر ، ثم يلقى بها في جهنم فتصرخ من حرّها.
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها)
من الذي سخّرها وسيّرها في سبيلها المحدّد لا تتخطّى بوصة واحدة؟! إنّه الله المهيمن بعزّته على الخليقة ، والمدبّر بعلمه أمورها بدقة.
(ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)
[٣٩] أمّا القمر الذي يدور في فلكه من منزل لمنزل ، بدقة متناهية تجعل علماء الهيئة يعرفون مسيرته حتى بعد مأة ألف عام ، فهو آية الليل التي تجعلنا نزداد إيمانا بسلطان ربنا.
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ)