لعل هذه المنازل هي المحطات اليومية التي يكبر ثم يصغر القمر عندها في كل ليلة ، منذ ولادته هلالا حتى تغيّبه في المحاق.
(حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ)
هل اثار انتباهك يوما بقية عرجون على النخل ، بعد أن قطف ثمره ، وبقي أصله في أعلى النخل مصفرّا ذابلا؟ كذلك منظر القمر في أخريات الليل عند نهاية الشهر.
إنّ حركة الشمس والقمر المتناهية في وقتها حتى أنّها لو حسبت بجزء من مليون جزء من الثانية لما وجدت فيها اختلافا ، إنّها لآية النظام العجيب الذي يجري عليه هذا الكون ، والقدرة الإلهية التي تضبطها ، وهو في ذات الوقت دليلنا الى ضبط الوقت وتحديد الزمن.
والزمن هو أعظم مقياس لحضارة الإنسان ، فكلّما زاد ضبطه واحترامه كلّما تقدّم البشر في حقول المدنيّة.
[٤٠] وثبات نظم الموجودات دليل هيمنة الربّ العزيز ، فهذه الشمس تجري في بروجها الإثني عشر كلّ عام مرة (على أنّ الذي يجري هو كوكب الأرض في الحقيقة ، إلا أنّ ذلك هو ما يتراءى لنا ، ونعبّر عنه بالتالي حسب ما نرى فنقول : طلعت الشمس وغربت وزالت ، وإنّما أرضنا هي التي تدور عليها).
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ)
فالقمر يدور في منازله كل شهر مرة ، بينما الشمس كلّ سنة مرة ، ولا ينبغي للشمس أن تتسارع سرعة القمر فتترى علينا الفصول الأربعة في شهر واحد.