الله ، ولعله لذلك تتكرر كلمة «الرحمن» فيها.
[٥٣] بصيحة أهلك القوم جميعا ، وبصيحة ابتعثوا جميعا ، وبصيحة يحضرون في مقام الحساب عند ربهم.
(إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)
ويبدو أنّ التعبير هنا يوحي بما يوحيه قوله ـ سبحانه ـ في خاتم السورة : «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» ولكن هذا التعبير جاء في مقام الشدة فناسب الحديث الصيحة ، وهي تدل على سرعة نفاذ أمره ، وأنّ كلّ شيء مستجيب لإرادته.
[٥٤] هنالك يتجلّى العدل الإلهي الذي قامت به الخليقة جميعا ، فلا يظلم أحد شيئا ، بل حتى جزائهم إنّما هو ذات أعمالهم التي تتجسد ، فإن كانت صالحة فهي الجنات والفواكه وحور العين ، وإن كانت الأخرى فعذاب شديد.
(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً)
والله ليس بظلام للعبيد ، لا في ذلك اليوم ولا في أيّ يوم ، بلى. إنّه أعطى الحرية المحدودة للناس في الدنيا ليبتليهم بها فظلموا أنفسهم ، ولو لا أنّه جعل دار البقاء (الآخرة) وجعل فيها جزاء وافيا للظالم والمظلوم لما سمح لأحد بظلم أحد حتى في الدنيا ، لأنّه ليس بظلّام للعبيد ، وأساسا إنّنا نعرف وجود الدار الآخرة من خلال معرفتنا بأمرين : أوّلا : إنّ الله عزيز رحيم فلا يمكن أن يظلم بحضرته أحد من عباده دون أن يغيثه ، ثانيا : إنّه قد يدع الظالم يوغل في ظلمه في الدنيا فنعرف أنّ هناك دارا أخرى يجازي فيها الظالم وينتصر منه للمظلوم.