الآيات الثلاث التالية ، وهي في ذات الوقت تمهيد لبيان نعمة الهداية ، فالله الذي آتانا نعمة العين ولو شاء لطمسها ، والذي رزقنا سائر النعم التي نهتدي بها من سمع ولمس وذوق وما أشبه ولو شاء لمسخهم على مكانتهم فلا يتقدمون ، فلا يستطيعون مضيّا الى الأمام ولا عودة الى الوراء ، والذي أعاد البشر الى حالة الضعف عند ما يعمّره طويلا ، هو الذي أرسل الى الناس من يهديهم الى صراط العزيز الرحيم.
(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ)
أرأيت كيف تمسح الكف حفنة من الرمل حتى لا تبقي لها أثرا على البسيطة؟ كذلك لو شاء الرب لمسح على الأعين حتى لا يبقي لها أثرا على الوجه.
(فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ)
فإذا هم يتبادرون الى الطرق لعلهم يهتدون الى سبيلهم.
(فَأَنَّى يُبْصِرُونَ)
ربما تشير الآية الى أنّ الذي يفقد عينه يحسّ بعقدة الضلالة ، فيبادر لمعرفة الصراط ، وتلمّس الطريق ، لأنه يخشى الانحراف عنه والوقوع في المهالك ، ولكن دون جدوى إذ لا يملك ما يرى به طريقه.
وقال البعض : إنّ الاستباق هو تجاوز الطريق والانحراف عنه ، بينما قال آخرون : إنّه التدافع على الطريق شأن العميان الذين يتزاحمون على الطريق لعدم رؤية بعضهم.
وأنّى كان فإنّ المبادرة والتسابق لا يجديانهم نفعا ، لأنّهم فقدوا وسيلة الرؤية