فبدل أن ينمو ويتكامل باستمرار تراه يبلغ قمة رشده البدني والعقلي في حدود الأربعين ، ولا يلبث أن يسير القهقرى ، لأنّ خلايا المخ التي تنتشر في أطراف الجسد في صورة أعصاب ، وتقوم بالدور الرئيسي في بناء الجسم ، إنّها تستهلك مع الزمن ولا تعوّض أبدا ، ويقول العلم : إذا بلغ المرء الثمانين من عمره فقد نصف خلايا مخّه.
والتنكيس الذي يصيب البشر يشمل الجوانب المادية ، كطريقة مشيه ووقوفه وفقد أسنانه وضعف قواه ، كما يطال الجوانب المعنوية ، فهو يفقد قدراته العلمية وخصائصه النفسية فتراه يرجع طفلا يحرص على ما يخصه ، ويعضّ بنواجذه على حياة ، ويضحى خائفا يلاحقه هاجس الزائر المخيف الذي قد يدخل عليه في أيّة لحظة وبلا استئذان ألا وهو الموت.
(أَفَلا يَعْقِلُونَ)
ليذعنوا لله الذي أسبغ عليهم تلك النعم الآن ، ويسلبها منهم عند الشيخوخة.
[٦٩] والله الذي أعطانا جوارح لنهتدي بها في حياتنا من سمع وبصر وعقل هو الذي أنزل الكتاب ليهدينا به الى الصراط المستقيم.
ونحن بحاجة إليه ، ولا يمكننا الاستغناء عنه بالثقافات الموجودة لدينا التي هي أقرب الى الشعر منه الى بيان الحقائق.
بينما القرآن جاء ذكرا وبيانا وإنذارا وتبشيرا.
(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ)