ذلك» (٣)
وفي رواية مأثورة عن أبي جعفر الباقر (ع) في تفسير ذات الآية قال :
«هل رأيت شاعرا يتبعه أحد؟ إنّما هم قوم تفقّهوا لغير الدين فضلّوا وأضلّوا» (٤)
هذا عن الثقافة الجاهلية أمّا عن رسالات الله فإنّها تتميز بما يلي :
أولا : إنّها تذكرة ، فهي إثارة للعقل ، وإيقاظ للضمير ، وتحريض للفكر ، وأبلغ حجة لصدقها أنّها تتوافق وعقل الإنسان وما أودعه الله فيه من فطرة التوحيد.
ثانيا : إنّها بلاغ مبين ، فليس فيه لف ودوران ، وتعابير غامضة ، وكلمات جوفاء ، وتشبيهات خيالية ، إنّما بيان للحقائق بوضوح شديد.
ثالثا : إنّها تنذر بالأخطار التي تهدّد الفرد والمجتمع ، فهي تفجّر الطاقة بدل أن تخدّرها ، وتنتقد الواقع الفاسد بدل أن تبرّره ، وتواجه الانحراف والضلال ، وتتحدى الظلم والطغيان.
والرسول الذي حمل مشعل الهداية ، وتحدّى قوى الكفر والضلال ، وأعلن منذ البدء أنّه النذير المبين ، والذي جانب ومنذ صباه اللهو والعبث ، واتسمت حياته الرسالية بأقصى درجات الصراع ضد الباطل ، والاجتهاد في إبلاغ الدعوة ، والجهاد والقتال في سبيل إعلاء كلمة الله ، إنّه لا تتناسب حياته والشعر (تلك الثقافة الجاهلية) فكلّ شيء في حياته مناقض للشعر ، لذلك قال ربنا عنه : «وَما يَنْبَغِي لَهُ».
__________________
(٣) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٧٠) نقلا عن تفسير علي بن إبراهيم.
(٤) المصدر.