بحدودها وانتهائها ، عارفا بقرائنها وأحنائها ، ثم انشأ ـ سبحانه ـ فتق الأجواء ، وشقّ الأرجاء ، وسكائك الهواء» (٣)
وربما توحي الكلمة أيضا : بان الله فتق السموات بعد أن كانت رتقا ، أي كانت كتلة متراصة ، فحدث فيها انفجار عظيم من هيبة الله ، يعبر عنه ـ سبحانه ـ بقوله : «ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ» (٤) فكانت السموات والأرض ، ولعلّ الآية التالية تشير إلى ذلك : «أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما». (٥)
وتقول بعض النظريات العلمية الحديثة : إنّ الكون كان سديما (٦) ، فتكونت منه الشموس بما لا يعلمون.
(جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً)
الملائكة : هي القوى العالمة ، الشاعرة ، المطيعة لله ، وبعضهم موكّلون بالخليقة ، فللسماء ملك ، وللشمس ملك ، وللبحر ملك ، وللريح ملك ، وللمطر ملك ، وللإنسان ملائكة حفظة وكتبة.
وبما أنّ هذه السورة تذكّرنا بتدبير الله ـ سبحانه وتعالى ـ للسموات والأرض كان مناسبا الإشارة إلى الملائكة الموكلين به ، لكي لا يزعم البعض أنّ الملائكة قوى مستقلة فيعبدوهم من دون الله ، كما عبد بعضهم الشمس ، وبعض القمر ، وبعض النجوم ، و.. و...
__________________
(٣) نهج البلاغة / خ (١) ص (٤٠).
(٤) فصلت / (١١).
(٥) الأنبياء / (٣٠).
(٦) السديم : هو الغبار الكثيف.