من تلك الظواهر امتلاك ناصية الأنعام ، فلقد خلقها الله بيد قدرته خلقا ، ثم أودع فيها منافع شتّى ، وسخّرها للإنسان ، ولو شاء لجعلها وحشيّة صعبة المراس ، كما جعل في البشر حبّ التملك وقدرة التملك. أرأيت لو لم يكن البشر يحب السيطرة هل كان يسخّر شيئا مما حوله؟!
(أَوَلَمْ يَرَوْا)
هذه الظاهرة المتكررة التي يمرون عليها دون أن يتفكروا فيها ، وإذ هم لا يتفكرون فكأنّهم لا يرون شيئا.
(أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا)
والله لم يخلق الأنعام خلقا مباشرا ، بأن يقول لها : كوني فكانت ، إنّما خلقها عبر شبكة من الأنظمة والسنن لا تحصى عددا ، ولعل قوله تعالى : «مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا» إشارة الى هذه الحقيقة التي تجعلنا أكثر امتنانا لبارئنا ، وأكثر وعيا بقدرة ربنا وحكمته ، وبالتالي بيوم الجزاء الأوفى.
(أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ)
فهم الآن يملكون تلك الأنعام فعلا ، ويسيطرون عليها ويسخّرونها لمنافعهم.
[٧٢] تكاملية نعم الله دليل علمه وقدرته. إنّك تجد الإبل ـ مثلا ـ يقوم بذات الحاجات المتنوعة التي يعيشها البشر ، فهو يحمله مسافات شاسعة دون كلل. أرأيته كيف يقطع الربع الخالي في الجزيرة العربية معتمدا على ما فيه من اشواك حادة وماء قليل؟! أرأيته كيف يتحمّل وعثاء السفر والعواصف الرملية الهوج ، ويجري في الرمال المتحركة كما تجري السفن بين الأمواج؟! وفي ذات الوقت تراه