ولكي يعمّق القرآن شعورنا بالمسؤولية ، ولا يدع التبريرات تحجبنا عن هذا الأمر الخطير ، والأساسي في حياة البشر ، يصوّر لنا مشاهد من يوم القيامة ، ويثير فيها جانبا من التبريرات ، التي يتشبّث بها الظالمون آنذاك ، مع ردّها ردّا قاطعا ، وكلّ ذلك في صورة حوار بينهم وبين الله والملائكة ، وإنّما يرينا السياق هذه المشاهد من الآخرة لكي تنعكس على حياتنا الدنيويّة في صورة إحساس نفسي وعمليّ عميق بالمسؤولية.
بينات من الآيات :
[١٩] (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ)
الزجرة تعبير آخر عن النفخة ، وهي صوت يصدره أحد الملائكة بإذن الله فيميت الناس أو يبعثهم للحياة ، كيفما أراد تعالى ، وقد يفهم من ذلك أن انبعاث الحياة في الأرواح والعظام الميتة بحاجة الى تفاعلات سريعة جدا ، وهذا ما توفّره الزجرة ، التي تبعث الناس أحياء وفي كامل وعيهم للحساب ، وإذا كان الإنسان في الدنيا يخلق جاهلا ثم يتدرّج في المعرفة ليصل الى حد من الكمال ، فإنّه يوم البعث وبعد الزجرة ينهض بقوة كاملة ، ووعي تام.
[٢٠] وأول نظرة يلقيها الظالمون الى ما حولهم ، تكفيهم علما بمصيرهم ، حيث الويل والثبور ، وقد كانوا محجوبين عن هذه الحقيقة في الدنيا ، بسبب ذنوبهم وتكذيبهم بالرسالة الإلهية.
ومن طبيعة البشر أنّه لا يعترف بوقوعه في الخطأ والهلكة إلّا قليلا ، وفي اللحظات التي ييأس ويفقد فيها أدنى أمل بإمكانية التبرير.
فالظالمون إذن يحاولون أن لا يعترفوا بخطئهم أو ضعفهم ، وهلكتهم في الدنيا ،