وتكتمل النعم عندهم حين يطلعون على قرناء السوء الذين حاولوا عبثا إغواءهم ، وبعد ان يبين السياق هلاك أولئك من كفرهم بالجنة ، ينقل خطاب المخلصين لهم بأنه لو لا نعمة الله لكانوا من المهلكين ، ثم يسدل الستار على هذا المشهد بعد أن يقرّروهم أفما نحن بمعذبين؟ ويذكرنا القرآن بان ذلك هو الفوز العظيم الذي لمثله فليعمل العاملون.
ويكشف عن مشهد آخر حيث شجرة الزقوم ، التي هي حسب الظاهر ذنوب أهل النار تصبح طعاما لهم هناك وهي فتنة (في الدنيا) للظالمين وهي تنبت في أصل الجحيم ، ولكن فروعها في بيوتهم ، اما طلعها فكأنه رؤوس الشياطين (الذين خدعوهم بها في الدنيا). انهم يأكلون منها حتى يملأوا بطونهم (كما أكلوا المال الحرام) ، ثم يشربون عليها ماء حميما يقطع أمعاءهم (كما شربوا الشراب الحرام في الدنيا) ، ثم يعودون جميعا الى الجحيم (كل ذلك) لأنهم اتبعوا آباءهم وهرعوا الى آثارهم يقلدونهم فيها على غير هدى.
بينات من الآيات :
[٤٠] بعد حديثه عن مصير المجرمين ، يذكرنا القرآن بمشهد مشرق من الآخرة حيث عباد الله المخلصون ، في جنة ملؤوها النعيم والرحمة والتي لا تعطى عبثا انما بثمن ، وأول وأهم ثمن يشتري به العبد الجنة هو الإخلاص ، وإذا كان العمل بذاته صعب ، فالاخلاص فيه أصعب ، لأنه يعني الانقطاع نفسيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا و... و... عما سوى الله ، حفاظا على حقيقة التوحيد.
فقد يصلي الإنسان لان الصلاة تدر عليه الربح ، وترفعه درجة في الناس ، وتعطيه قوة في الجسم وما أشبه ، فهو يصلي نتيجة لتفاعل عدة عوامل دفعته بهذا الاتجاه ، فاذا انعدمت هذه العوامل ، أو وجدت اخرى تعاكس مسيرة الصلاة كما