المفهوم.
والشيء الذي يبني عليه الإسلام أساس الإخلاص هو الاستمرار فيه ، والا فأن الإنسان كل إنسان قد يعيش لحظة يخلص فيها لله عمله ودعاءه ، فالعمل الواحد لا يقبل منفردا ، انما يضم الى عموم مسيرة الإنسان ، والذي لا شك فيه ان الواحد لا ينعت بخلق ما الا إذا صار عادة له وسلوكا.
فالذي يصوم شهر رمضان المبارك ، وفي الأثناء ، أو بعده وقبله يغتاب الناس ويأكل المال الحرام ، أو يترك جانبا من الدين كالجهاد لا يكون متقيا ، فصومه لا يقبل ولا يكون مخلصا من هذه صفته ، لان تأثره بدوافع الغيبة يشير الى أن شخصيته لم تزل مزيجا من الايمان والكفر ، فبينما ينطلق صومه من قاعدة الايمان في نفسه ، تنطلق الغيبة من دوافع الكفر.
وانما يدخل الله الجنة الذين أخلصوا ايمانهم وعملهم بالمعنى المتقدم بغير حساب ، ومن سواهم يدخلهم بعد الحساب والتطهير ، وعلى هذا جاء في الاخبار : ان من المؤمنين من يلبث في النار مئات ، وبعضهم عشرات السنين ، كل بنسبة انحرافه ، ورواسب الكفر التي يجب ان تطهر قبل الدخول في الجنة. وفي الرواية قيل للإمام موسى بن جعفر (ع) : مررنا برجل في السوق وهو ينادي : انا من شيعة محمد وآل محمد الخلص ، وهو ينادي على ثياب يبيعها : من يزيد؟ فقال موسى (ع):
«ما جهل ولا ضاع امرء عرف قدر نفسه ، أتدرون ما مثل هذا؟ هذا شخص قال : انا مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار ، وهو مع ذلك يباخس الناس في