والطريق الى هذه القمة السامقة ، فربما زعمنا اننا من المخلصين ، أو منينا أنفسنا بذلك ، ولكنّ القرآن يقطع طريق التمني ، حينما يضرب لنا أمثلة من حياة أنبياء عظام كنوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ـ عليهم السلام ـ ، ويبين لنا مواقفهم الربانيّة في تحدي الجبت والطاغوت ، ليقول لنا : بان من لا يتحدى الجبت الداخلي ، فيصرع هوى نفسه ، لا يستطيع ان يتحدى الطواغيت ويصرعهم.
ولأن هذه السورة تعالج في جانب منها مرض الاستكبار ، الذي يتعالى المبتلى به على الحق كذبا وزورا ، وتوضح كيف انه سينتهي بالإنسان الى جهنم انها توضح ـ في مقابل الاستكبار ـ صفة الإحسان ، فبينما تعني الاولى المبالغة في حب الذات والتمحور حولها ، تعني الاخرى التنازل عنها وعما يملك الإنسان من الطاقات والقدرات في سبيل الحق والناس. ان الإحسان هو خروج الفرد عن ذاته ، ودخوله في رحاب المجتمع ، وكما يدخل الاستكبار الإنسان النار ، ويجعله لعنة الأجيال ، فان الإحسان يدخل صاحبه الجنة ، ويخلّد ذكره الحسن ومديحه على ألسن الناس في كل أفق وزمان.
والقرآن في هذا الدرس ، يؤكد بان المحسن ليس يجازى من قبل الله ، في الدنيا والآخرة وحسب ، وانما يمشي ثناؤه كالطيب بين الناس ، وقد أكد ربّنا هذه الحقيقة في أكثر من آيتين بالنسبة لنبيه إبراهيم (ع) ، مما يدل على اهمية دور الإحسان في رسالة الأنبياء ونبوتهم (ع).
بينات من الآيات :
[٧١] بعد ان يبين القرآن في الآيتين الأخيرتين من الدرس السابق دور الضغط من قبل الآباء في حياة الأجيال ، يبين لنا هنا ان هذه مشكلة البشر منذ القديم.