كان سقيما (١)
ولعل نظر إبراهيم (ع) الى النجوم في ذلك المجتمع الزراعي الذي اعتقد بانّها ذات تأثير حاسم في حياته كان للايحاء إليهم بأنّه يؤمن بها كما يؤمنون ، فيبعد عن نفسه شبهة الكيد بأصنامهم فلا يأخذوه الى عيدهم عنوة ويفشلوا خطته.
وربما قال سقيم تورية إذ انه من دون تحطيم الأصنام كان سقيما ، أو ليست الأصنام كانت تعبد من دون الله جهارا ، فكيف لا يكون مريض القلب مهموم الفؤاد ، دائم الكابة وهو لما يقض على الأصنام.
ولعل هذا هو مراد الامام الصادق عليه السلام انه كان سقيما في دينه ، إذ لا ريب ان إبراهيم (ع) كان مخلصا طاهرا حنيفا وهو الذي قال عنه الرب : «إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ».
[٩٠] وبالفعل نجح نبي الله في مهمته ، حيث اطمئن القوم الى كلامه وذهبوا جميعا الى عيدهم.
(فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ)
وفي هذا التعبير افصاح عن مدى الاطمئنان من قبل القوم ، حيث وصفهم القرآن بالادبار ، ولو لم يكونوا كذلك لكانوا يلتفتون الى ورائهم فلا يصح وصفهم به. والحركة الناجحة هي التي يتمكن افرادها من التغطية على تحركهم بحيث يسلبون النباهة والحذر من العدو ليفاجئوه بالضربة القاضية ، وفي نفس الوقت لا
__________________
(١) المصدر