يتركون أثرا يدل على خطتهم.
[٩١ ـ ٩٢] وقد عمد إبراهيم (ع) بعد ان اختار الوقت المناسب ، والأسلوب الناجح ، لتوجيه ضربته للواقع الفاسد ، فتسلل الى موطن الأصنام سرا وهدمها.
(فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ* ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ)
ان الذي لا تتوفر فيه ارادة الاكل والنطق كيف يكون بمستوى الربوبية التي تستدعي القدرة على الخلق؟!
وفي مطلع الآية نجد كلمة «راغ» التي عبر بها الله عن وثوب إبراهيم (ع) على الأصنام ، وهي من البلاغة بمكان رفيع ، إذ تفيد معنيين ، هما المكر والشدة ، وهكذا كان إبراهيم (ع). وراغ مستأسدا في الله يحطم رموز الباطل ، ومما يتضح من نصوص التاريخ ان آزر ـ أبو إبراهيم بالتربية ـ كان سادنا للأصنام وبيده مفاتيح بيتها ، فلما ذهب مع القوم للعيد سلم المفاتيح بيد إبراهيم فكانت كل الظروف مواتية لتنفيذ خطته ، ومن نافلة القول انه يتبين من تاريخ البابليين بان القوى الحاكمة للجماهير في زمنهم هما طائفتان ، طائفة السدنة والكهنة التي تمثل القوة الدينية ، وطائفة السلاطين التي تمثل القوة السياسية ، وكانتا تتعاونان على استغلال الناس واستعبادهم ، ولعل الأصنام كانت لديهم مجرد وسيلة للسيطرة على المحرومين.
[٩٣] (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ)
وقد أراد إبراهيم (ع) من تحطيمهم ان يوجه ضربة للقوتين ، وللثقافة المتخلفة التي تحكم المجتمع وتسهّل لهما السيطرة عليه ، ولعل التعبير باليمين للدلالة على شدة الضرب بلا تردد أو خشية.