[٩٤] وهذا بلا شك يعتبر تحديا عنيفا للجميع ، جعل إبراهيم (ع) يقف امة لوحده بما يختص به من اعتقاد وثقافة وسلوك ، في مقابل مئات الآلاف من الناس ، ولا غرابة فان رسالة الله والتوكل عليه تحملان الفرد الواحد على التحدي ولو لأمة بأجمعها دون ان يضعف أو يستوحش ، لان ارادة المؤمن أقوى من الجبل ، لان الجبل تحطمه الفؤوس بينما لا تنال من ارادة المؤمن شيئا. وما دام المؤمن على الحق يجب ان لا يخشى الباطل ولو اتبعه الناس جميعا.
(فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ)
لأنه الوحيد الذي بقي في المدينة ، ولان بيده كانت مفاتيح بيت الأصنام.
والزف تعبير عن مشية معينة ، تشبه بداية مشية النعامة ، ولعلها توحي بضرب الأرجل على الأرض ، مع سرعة واهتمام.
[٩٥ ـ ٩٦] ولكنه بقي رابط الجأش ، وعازما على المواجهة.
(قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ* وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ)
والخالق هو المعبود الحقيقي الذي يجب على الإنسان التسليم والانقياد له.
في البدء أخلص إبراهيم (ع) نفسه فأخلصه الله من تأثير الأجيال السابقة المتمثلة في عمه آزر ، ثم أخلصه من الخوف والتسليم للطاغوت بل للمجتمع ، فهو (ع) بدأ من الصفر حيث لا ناصر له الا ربّه ، فضرب مثلا على الإخلاص ، بانطلاقه في حركته من الايمان بالله ، والعمل بوحيه ، بعيدا عن أيّة دافع آخر.
[٩٧] ولان إبراهيم (ع) تحدى الانحراف بهذا المستوى ، والأسلوب الخطير ، عزموا على قتله بأبشع صورة ممكنة في نظرهم ، لكي لا يفكر الآخرون في السير على