(تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (١) ان احداث التاريخ كانت تتلاشى من ذاكرة البشر وكل جيل يأتي ينسى جزء منها حتى تنتهي تماما ، بالذات وان البشرية ولفترة ليست بالبعيدة لم تكن قد وصلت الى التقدم العلمي الذي يمكنها من المحافظة على كل ذلك ، بالاضافة الى أنّ كثيرا من الأقوام كانوا يتعرضون للانقراض والهلاك الجماعي فيموت معهم تاريخهم ، وعلم الآثار القائم اليوم يطلع علينا كل حين بمعلومات عن أقوام لم تكن البشرية تعرف عنهم شيئا ، ولكن الله يخلّد ذكرى الأنبياء العظام بفضله ويترك السلام عليهم يتوالى ليل نهار. ونعود للآية لنتسائل ماذا ترك ربّنا على موسى وهارون؟
أولا : ان الله حافظ على رسالتهما في الحياة ، إذ أبقى مشعل الهداية الذي تحملا الجهاد به والدعوة اليه ، يتلقفه الصالحون من ورثتهما على طول التاريخ دون ان يسقط يوما.
ثانيا : جعل ذكرهما الحسن يطبق الخافقين ولا يزال الى الأبد.
[١٢١ ـ ١٢٢] ولان الله ذكر هذه القصص توضيحا وتأكيدا للحقيقة المحورية في هذه السورة عاد ليؤكدها ، وتلك الحقيقة هي ان العاقبة للمحسنين.
(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)
ولا بد ان نلاحظ بان هذه الآية تأتي بعد ذكر مجموعة حقائق من حياة كل نبي فمن حياة نوح (ع) ذكر النجاة ، ومن حياة إبراهيم ذكر الذرية الصالحة ، ومن حياة موسى ذكر النصر والهداية ، واشركهم في الذكر الحسن الذي لخّصه في السلام
__________________
(١) هود / ٤٩