[١٤٧] وهكذا نهض يونس من مرضه ليمارس عمله الجهادي من جديد يوحي من الله عز وجل ، الذي بعثه ليعيد التجربة مع قومه.
(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)
ولم يحدد القرآن عدد هؤلاء بالضبط ، لان المجموعة البشرية المتواجدة في منطقة ما ، تزيد وتنقص لعوامل مختلفة من بينها الولادة والموت ، ومن بينها الهجرة من المجتمع واليه.
[١٤٨] وحينما عاد يونس الى قومه هذه المرة نجح في تغييرهم.
(فَآمَنُوا)
وصاروا مثلا للامة التي استفادت من تجربتها السلبية في ارتقائها وتقدمها ، فقد حدد قوم يونس وهم يرون العذاب على الأبواب المسؤول عن هذا الواقع ، فلم يبرروا لأنفسهم ولم يعاندوا ، انما تحملوا المسؤولية وتواضعوا للحق فرفعهم الله وأرسل عليهم الخير والبركة. وليس بالضرورة ان يكون العذاب غماما ولا خسفا من غضب الله ، فقد يكون هو التمزق والفقر والتخلف والمشاكل النفسية والاجتماعية ، وكلها موجودة الآن في واقع الامة الاسلامية ، وواجبها ان تغير واقعها ليغير الله ما هي عليه من التخلف الى التحضر والازدهار. ولا يكون ذلك الا بالايمان ، فهذه امة يونس يحكي الله عنها إذ آمنت قائلا :
(فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)
فلم تبق هذه المتعة والبركة طويلا ، لأنهم لم يحافظوا على عاملها الأساسي وهو الايمان فهم ظلوا في متعتهم الى حين وجود الايمان بينهم.