[١٤٩] وبعد ان يختم ربّنا قصص الأنبياء التي أكد فيها على عبوديتهم له نفيا لادعاء المشركين بأنهم آلهة ، وذلك من خلال الآية الكريمة : (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ، التي تمثل عاملا مشتركا بين القصص كلها ، ينفي من الجانب الآخر مجموعة من التصورات التي اختلقها المشركون حول الملائكة والجن ، وأهمها زعمهم بأنها نسب لله عز وجل كوسيلة لتأليهها. ونجد في السياق امرا من الله الى رسوله باستفتاء المشركين في ذلك.
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ)
والاستفتاء هو أخذ الفتيا والرأي.
[١٥٠] ولو سألهم الرسول لقالوا بلى ، ولكن على اي دليل يستند قولهم ، هل شاهدوا خلق الملائكة؟
(أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ)
الذي يرى شيئا بعينه يمكنه ان يدعى صدق ما رآه ، ويكون ادعاؤه منطقيا ، بينما لم يشهد هؤلاء خلق الملائكة حتى يعرفوا ماهيتها ، وهذه الآية تنسف فكرة الجاهلية من الأساس حول الملائكة ، حيث تهدينا الى إنّها مجرد ظن لا دليل عليه.
[١٥١ ـ ١٥٢] ومع ان ظاهر الآيتين الماضيتين حول الملائكة ، انهما تعالجان فكرة أنوثة الملائكة ، الا ان هدف القرآن من الحديث هو نسف الاعتقاد بألوهيتها ، ذلك ان بعضا من المشركين تصوروها تولدت من الله فهي آلهة أيضا ، وإنّما دخل السياق لهذا الموضوع من زاوية الحديث عن طبيعة الملائكة وماهيتها ، ليبين لنا بان تصورات الجاهليين خاطئة ليس في تحديد دور الملائكة وحسب وإنّما يجهلون حتى ماهيتها ، وكل ما هنالك من أفكار لديهم حولها فانها مجرد ظنون لا دليل منطقي