الكلم الطيب هو العقيدة الصالحة ، لأنّ الكلمة في القرآن لا تدل على اللفظ ، بل على ما ورائها من معنى ، كما قال ربنا سبحانه : «مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ» وقد فسّرت هذه الآية بالقيادة الرسالية ، ولا ريب ان سنام العقيدة الصالحة ومظهر صدق الإنسان في إيمانه هو التسليم للقيادة الإلهية (الولاية) والكلم الطيب يصعد الى الرب ويصعد معه صاحبه معنويا. أو ليس الإيمان هو أثقل ما في ميزان العبد ، وما عبد الله بمثل التوحيد؟!
ولا ريب ان الكلم الطيب ـ كما الشجرة الطيبة ـ تنتشر فروعها في كل أفق ، فمن العقيدة الصحيحة يشعّ التسامح والحب ونبذ العصبيات والأفكار اليائسة والسلبية ، وكل أولئك يقرّب العبد الى ربه زلفى.
كما أنّ العمل الصالح يرتفع الى الله ويرتفع صاحبه به فيتقرب اليه ، وبالكلم الطيب والعمل الصالح يصل المجتمع الى العزّة الالهية.
وقد ذكر للعمل الصالح تفسيران :
التفسير الأوّل : إنّ العمل الصالح يرفعه الكلم الطيب (١) فالعقيدة الطيبة ترفع العمل الصالح ، لأنّ عامل الحسنة بلا إيمان لا يقبل منه «إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ».
التفسير الثاني : إنّ العقيدة الصادقة والكلم الطيب يرفعه العمل الصالح ، فالعمل الصالح بمثابة الأجنحة للطير.
وتتجلّى هذه الحقيقة في الحياة الاجتماعية بأنّ الكلمة الطيبة والعمل الصالح
__________________
(١) التفسير الكبير : الامام الفخر الرازي ج (٢٦) ص (٨).