(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما)
وربنا يذكر هؤلاء بحقارة ما يملكون وعظمة ما يملكه الله ، لأنهم ـ كما تقدمت الاشارة ـ يعتمدون على منطق القوة ، فأراد الله أن يوضح لهم بأنه الغالب في قوة المنطق وفي منطق القوة أيضا.
إن هذا الإنسان الذي يتمالكه الغرور فيتحدى ربّه أضعف ما يكون عن تحمل أدنى تحدّ فالسلطان المتكبر يقتله الله بجرثوم تعجز أحدث الاجهزة عن اكتشافه ، وقد يسلب منه كل ما يملك بين عشية وضحاها ، ومما يذكر في التاريخ أن الناس ثاروا على خليفة من الخلفاء العباسيين ففقئوا عينه ، وجردوه من ملابسه وصادروا كل ما تملكه من أموال المسلمين ، حتى وقف يتسول على باب المسجد من الناس.
وربنا من فوق عرشه يتحدى المتكبرين ؛ يقول : أجمعوا قواكم المادية والبشرية والعلمية ، وابحثوا عن كل سبب من أسباب القدرة ، فان مصيركم لن يكون إلّا كمصير الأقوام السابقة ، حيث كذّبت الرسل وتحدت الحق فدمرها الله.
(فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ* جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ)
فمهما اعتمدوا على أسباب القوة (العدد والعدة والخبرة) فان المؤسسات العسكرية تنهار بفعل الارادة الالهية المباشرة أو المتجليّة على أيدي المؤمنين. وجند مبتدأ ، وما أداة للتقليل أراد بها الله تحقير قوتهم ، وهنالك إشارة للمكان البعيد الذي قد يستخدم للتحقير أيضا ، فيكون المعنى كقولنا أن هنالك جندا ما مهزومون من الأحزاب ، وفي الروايات كان المقصود في التأويل من الآية هم المشركون في مكة وقد تحزبوا لحرب الإسلام ، فبشر الله نبيه بهزيمتهم وغلبته عليهم.
[١٢] ومن أجل أن يستقيم الرسول في طريق الدعوة للحق ، ويقاوم تحدّيات