زوجة جميلة لرجل من بني إسرائيل يقال له (أوريا) فأراد أن يتزوجها لتتم له مائة زوجة ، فقدمه في أحد الحرب ليقتل ويتم له الأمر فقتل ، وتزوجها داود. فأرادت الملائكة أن تبين له خطأه هذا. في الرواية : فكتب داود عليه السلام الى صاحبه الذي بعثه أن ضع التابوت بينك وبين عدوك ، وقدم أوريا بن حيان بين يدي التابوت فقدمه وقتل ، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان وقعدا ولم يكن تزوج امرأة أوريا وكانت في عدتها ، وداود في محرابه يوم عبادته ، فدخل الملكان من سقف البيت وقعدا بين يديه ، ففزع داود منهما فقالا : «لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ» ولداود حينئذ تسعة وتسعون امرأة ما بين مهيرة الى جارية ، فقال أحدهما لداود : «إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ» أي ظلمني وقهرني فقال داود كما حكى الله عزّ وجل : «لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ» الى قوله : «وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ» قال : فضحك المستعدى عليه من الملائكة وقال : حكم الرجل على نفسه ؛ فقال داود : أتضحك وقد عصيت؟ لقد هممت أن أهشم فاك قال : فعرجا وقال الملك المستعدى عليه : لو علم داود انه أحق أن يهشم فاه منى ؛ ففهم داود الأمر وذكر الخطيئة فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي ليله ونهاره ولا يقوم إلّا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه وسال الدم من عينيه (١)
وهكذا نجد الملوك يفتشون عن هذه الثقافة عند ادعياء الدين لينشروها ، ويبرءوا أنفسهم من الظلامات التي يرتكبونها.
وقد نقل الفخر الرازي في تفسيره الكبير انه حضر في بعض المجالس ، وحضر فيه بعض أكابر الملوك ، وكان يريد أن يتعصب لتقرير ذلك القول الفاسد والقصة الخبيثة لسبب اقتضى ذلك ، ويمضي الفخر الرازي في بيان فساد هذا الرأي وإسكات
__________________
(١) نور الثقلين ج ٤ ص ٤٤٩.