(فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ)
إنّه لم يترك فرصة لوساوس الشيطان وتسويفاته ، إنّما بادر مباشرة ، إلى الاستغفار والتوبة ، وأيّ باب للتوبة أوسع من الصلاة والدعاء. ألم يقل الله تبارك وتعالى : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) (١) وقال في الصلاة : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) (٢)
[٢٥] وحينما وفّر (ع) شروط التوبة في نفسه ، من صدق الندم ، وإصلاح ما فسد ، والضراعة إلى الربّ بقلب منكسر ، استجاب الله له.
(فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ)
التوبة تزيل خطأ الإنسان ، وتمحو آثاره الرجعية ، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع ، بل وتقدّمه خطوات إلى التوبة تزيد الإنسان حصانة ، وتقيه خطر الهلاك بالذنوب والأخطاء. وليس أضرّ على الإنسان من ذنب يعتز به ، وخطأ يصرّ عليه مستكبرا.
وأهمّ معطيات التوبة أنها ترفع الإنسان درجات عند ربّه ، وتورثه المنازل الرفيعة في الجنّة.
(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ)
وهذا خلاف لتصورات الإنسان السلبية من أن التوبة تسبّب له الذّلة ، وأن العزّة بالإثم هي الأفضل ، لأنها في نظره السبيل للرفعة.
__________________
(١) الفرقان ٧٧
(٢) البقرة ٤٥.