منارا وهدى.
بينات من الآيات :
[٤١] يمكن للشيطان أن يمس الإنسان بالسوء في جانبي الحياة «المعنوي والمادي» ولكن ذلك لا يكون بالجبر والإكراه ، لان البشر حر ومختار ، انما يضغط عليه وقد يمسه من ذلك شيء من التعب والألم. وإذا تحدى الإنسان ذلك واستقام رغم المشقة فانه ينتصر على إبليس لأنه كما وصفه القرآن : (لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (١). وفي موضع آخر تنقل لنا الآيات تصريحا عن الشيطان نفسه. تقول الآية : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢)
إن كون الإنسان من المؤمنين لا يعني أنه لا يتعرض الى وساوس إبليس وضغوطه ، وحتى الأنبياء تعرضوا لضغوطه ومحاولاته الدائمة للاغواء ، الا أنهم لم يستجيبوا له ولو ألحق بهم الأذى والمشقة. وهكذا كانوا قدوة للبشرية.
قال بعض المفسرين (كالرازي في تفسيره الكبير) : إن أنبياء الله أرفع من أن يمسهم الشيطان بالنصب والعذاب ، فلا يصح إذن أن ندعي بأن الحال وصل بأيوب (ع) الى حد استقذره الناس لمرضه. والحقيقة أن هذا الأمر جائز في مجال الامتحان لأنهم عليهم السلام بعثوا قدوات للبشرية ، وليس صحيحا أن نبعد النظرة
__________________
(١) النحل / (١٠٠ ـ ١٠١).
(٢) إبراهيم (٢٢).