الواقعية عن حياتهم ، فنأوّل الآيات في ذلك الى غير مضامينها. فننفي تعرض يوسف للسجن ، وموسى للاهانة ، ونبيّنا للاذى ، حتى قال عن نفسه :
«ما أوذي نبي مثلما أوذيت»
مع أن ذلك هو من صميم حياتهم وعنوانا عريضا في تاريخهم الرسالي ، باعتبارهم أنبياء!
ولو راجعنا آيات القرآن والأحاديث لوجدناها تؤكد على أنّ الأنبياء هم الاولى بالبلاء ، بل أنهم لم يصلوا الى هذا المقام الرفيع الا من خلاله. وقد روي عن الرسول (ص) وقد سئل : أي الناس أشد بلاء؟ أنه قال :
«الأنبياء ثم الصالحون الأمثل ثم الأمثل فالأمثل من الناس» (١)
نعم إن الشيطان لا يتسلط على عقول الصالحين وقلوبهم ، أما الجوانب المادية من حياتهم فهو قادر على سلبهم إياها لو أراد الله امتحانهم فيها ، كما ابتلى في ذلك نبيّه أيوب (ع).
قال الامام الصادق (ع) :
«ان الله عزّ وجلّ يبتلي المؤمن بكل بليّة ، ويميته بكل ميتة ، ولا يبتليه بذهاب عقله ، أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله وولده وأهله ، وعلى كل شيء منه ولم يسلط على عقله ، ترك له ليوحد الله به» (٢)
والقرآن في هذه السورة يدعو النبي الأكرم (ص) ، وكل مؤمن يسير في خطه الى
__________________
(١) بح ج / (١٢) / ص (٣٥٥).
(٢) المصدر / ص (٣٤١).