الملأ الأعلى ، فالعزة بالباطل عند إبليس عليه اللعنة ، الذي اعتز بعنصره ، ورفض الخضوع لله في قضية ، آدم من بين كلّ الملائكة ، وبرّر ذلك بأنه وهو المخلوق من نار السموم أفضل من آدم الطيني فكيف يسجد له؟ ولكن من قال : ان الافضلية للطين؟ ثم لو افترضنا ذلك فهل هذا مبرر لمعصية رب العالمين واختيار العاقبة السوأى؟ بالطبع كلا ... ولكن إبليس اختار العزة بالباطل متمثلة في العنصرية ، ثم راح يغوي الإنسان ويضله ليكون معه في غضب الله وناره.
وفي المشهد الآخر من الصورة نجد ملائكة الله على جلالة قدرهم يخرّون ساجدين لآدم تعبدا لله وطاعة وتسليما ، ويوصل القرآن بينهم وبين عباد الله المخلصين الذين لم يسمحوا لإبليس أن يغويهم.
ولأن سورة «ص» تتشابه وسورة «الصافات» في نفي الوهية الملائكة والأنبياء ، فانها تنتهي ببيان سجود الملائكة لآدم (ع) الذي خلق من طين والذي يتعرض لإغواء إبليس ، وكيف يكون إلها من يسجد لغيره أو يتعرض لإغواء الشيطان؟!
بينات من الآيات :
[٧١] لما بدا لله تعالى خلق آدم أطلع الملائكة على هذه الإرادة.
(إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ)
والخطاب هنا يشمل حتى إبليس ، لأنه قد رفع جزاء لعبادته لله إلى مقام الملائكة ، فملائكته التي يشمله (إبليس) بموجبها الأمر بالسجود ـ اعتبارية لا ذاتية ـ ويبدو ان متعلق قوله : (إِذْ قالَ رَبُّكَ) هو قوله في آية سابقة (... إِذْ يَخْتَصِمُونَ).