وكما أنّ الله خلق الشمس والقمر ، وسخرهما بقدرته ، كذلك فإنّ انتهاءهما بيده ، وربما توصل العلماء إلى العمر التقريبي للشمس والقمر بمقدار ما يعطيان من طاقة من النور والحركة.
(أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ)
فبعزته أقام النظم في كل شيء ، وألزم الشمس والقمر والنجوم أفلاكها ، وسخرها لما خلق لها ، وبمغفرته فتح أمام عاصية باب التوبة حتى لا يقنط من رحمته إلّا القوم الكافرون.
وصفة العزة تبعث الرهبة بينما صفة المغفرة تبعث الرغبة ، وهما معا ضروريتان لاستقامة النفس البشرية.
وأخطأ من قال ـ من المتكلمين ـ أنّ القول بالمغفرة مخالف للقرآن لأن ذلك يوجب الإغراء بالقبيح ، وهذا مذهب البغداديين المعتزلة ، ومذهب البصريين الذي يقول : إنّ عذاب الله جائز عقلا ، وأيضا فيلزم عليه ان لا يحصل الغفران بالتوبة ، لأنه إذا علم أنّه إذا أذنب ثم تاب غفر الله له لم ينزجر (١).
[٦] (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها)
أي جعل من نفس الإنسان زوجه ، وهذا يدل على تكاملية الذكر والأنثى.
(وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ)
هي الأخرى تتزاوج ، وثمانية أزواج هي التي ذكرت في سورة الأنعام : (مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ).
__________________
(١) التفسير الكبير / ج (٢٦) ص (٢٤٠).