(وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ)
أي أنّ الله يسمح لكم بأن تعبدوا ما شئتم من دون أن يرضه لكم.
ويقسم الحكماء إرادة الله إلى قسمين :
١ ـ إرادة تكوين.
٢ ـ إرادة تشريع.
فمن الناحية التكوينية وفر الله للإنسان الحرية ليفعل بها ما يشاء ، فأشرك به سبحانه ، ولكن من الناحية التشريعية لم يرض له الشرك ، وبتعبير آخر لم يجبر الله الناس على التوحيد ، ولو فعل ذلك بطل الثواب والعقاب ، ولكنّه أمرهم ونهاهم ورغّبهم وأنذرهم ووفّر لهم المشيئة ، ولولا المشيئة الإلهية لم يقدر أحد على عصيانه ، فهو الذي جعلهم مختارين ، وأعطاهم القدرة.
جاء في الحديث عن فضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : «شاء وأراد ، ولم يحب ولم يرض ، شاء أن لا يكون شيء إلّا بعلمه ، وأراد مثل ذلك ، ولم يحب أن يقال له : ثالث ثلاثة ، ولم يرض لعباده الكفر» (١)
ونستطيع أن نشبّه هذه الحالة بمن يعطي ابنه دينارا ويأمره بأن يشتري ما ينفعه فيشتري ما يضره ، فهو قد اشترى بمال أبيه ما لم يرض به.
ورضى الله أو عدم رضاه ليس كما نحن البشر ـ كما أسلفنا في كثير من السور أنّ الله تنطبق عليه الغايات لا المبادئ ـ فرضي الله قد يكون بتوفيقه للإنسان ،
__________________
(١) التوحيد / (٣٣٩).