ربهم ، وتشيع فيهم أفكارا باطلة تسلبهم ثقتهم بأنفسهم ، وتفرّق كلمتهم وتضعهم في هالة من الأمنيات ، وتشيع فيهم أنه مرهوب الجانب ، وقراراته صائبة ، وهو رجل إلهيّ مقدّس.
كما أنّها تبث فيهم العصبيّات العرقية والقبلية والقومية ، وتحمد إليهم أصنام التراث وأنصاب المصالح المادية.
وحول الطاغوت يتحلّق طائفة من تجّار الدين والعلم ، يوحون إليه بالمكر ، ويزيّنون له باطله ، ويلمّعون للناس وجهه.
وهكذا يصبح التخلّص من دائرة نفوذ الطاغوت عملا عسيرا يحتاج إلى همة واجتهاد ، ولعلّ هذا ما تشير إليه كلمة «واجتنبوا» في الآية السابقة ، والتي تتخصّص في هذه الآية باجتناب الثقافة الطاغوتية إذ يقول ربنا :
(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)
وهكذا يصف الذين تجانبوا الطاغوت وتأثيراته الشركية بأنّهم لا يتبعون أيّ قول بل أحسنه.
ولكن كيف يتم ذلك؟
أولا : إنّ عباد الله يتعاملون مع القول الذي يعبّر عن الفكرة باهتمام منهم ، لا يسمعونه بل يستمعون اليه ، وفرق بينهما كبير ، فالسماع لا اهتمام فيه بعكس الاستماع ، وهكذا جاء في الحديث :
«كونوا نقّاد الكلام»