أعصابهم رعشة الخشية ، فتهتز تبعا ـ لذلك ـ جلودهم.
(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)
عند ما تواجه النفس حقيقة أكبر من سعتها تندهش بها وتحصل لصاحبها قشعريرة ، أمّا لاهتزاز الأعصاب أو لتجمع الدم حول القلب كما يحصل في حالات الخوف الشديد.
ولأنّ هذا الفريق يخشون ربهم ، ويعرفون شيئا من عظمته وكبريائه ، ويعلمون أنّ الكتاب رسالة الله إليهم ، فلا تكاد قلوبهم تستقر لتجلياته الظاهرة في كتابه ، ولولا أنّ الله يؤيدهم في تلك اللحظة بروحه لتصدّعت قلوبهم كما اندك الجبل عند ما تجلّى الربّ له أمام موسى فخرّ موسى (ع) صعقا ، أرأيت تجلّى الله للجبل كان أعظم من تجلياته في كتابه للرسول والمؤمنين؟
إنّما المؤمنون توجل قلوبهم بمجرد ذكر الله ، فكيف لا تصعق عند ما تتلى عليهم رسالة الله إليهم ، إنّه الله يتحدّث إليهم فكيف يصمدون ، بلى. أنا وأمثالي الذين أحاطت الشهوات بقلوبنا لا نعرف ذلك ، إلّا إذا رفع الله الحجب واتصل القلب بنور الربّ.
(ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ)
إذا ذهبت آثار الصدمة ، وتغلّب العقل بتأييد الله على هول المواجهة ، لانت الجلود تعبيرا عن خشوع القلب ، واستعدادا لاستقبال ضياء الهدى.
وقال المفسرون : إنّ قشعريرة الجلد تعبير عن خشيتهم من عذاب الله ، أما حين يلين فإنّه دليل على طمعهم في رحمة الله ، وهكذا يعيش قلب المؤمن بين الخوف